الهوى، وخسر عقباه بارتكاب ما نهى عنه، وخسر مولاه بتولي غيره.
والمعنى (?): أي قل لهم أيها الرسول: إن الخسران الذي لا خسران بعده، هو خسران النفس، وإضاعتها بالضلال، وخسران الأتباع الذين أضلوهم، وأوقعوهم في العذاب السرمدي يوم القيامة، إذ أوقعوهم في هلكة ما بعدها هلكة، ألا هو الخسران المبين، الظاهر لكمال هوله، وفظاعة شأنه.
16 - ثم فصل ذلك الخسران، وبينه بعد إبهامه، تهويلًا وتعظيمًا لأمره فقال: {لَهُمْ} خبر مقدم، والضمير للخاسرين {مِنْ فَوْقِهِمْ} حال من {ظُلَلٌ} وهو مبتدأ مؤخر {مِنَ النَّارِ} صفة لـ {ظُلَلٌ}، والظل: جمع ظلة كغرف وغرفة، كما سيأتي، وهي في الأصل: سحابة تظل، والمراد هنا (?): طباق وسرادقات من النار ودخانها، وسميت النار ظلة لغلظها وكثافتها، ولأنها تمنع من النظر إلى ما فوقهم، والمعنى: للخاسرين ظلل وطبقات من النار، ودركات كثيرة متراكبة بعضها فوق بعض، حال كون تلك الظلل من فوقهم {وَمِنْ تَحْتِهِمْ} أيضًا {ظُلَلٌ} والمراد: إحاطة النار بهم من جميع جوانبهم، كما قال تعالى: {أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها}. ونحو الآية قوله تعالى: {يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ}، وقوله: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ}.
والمعنى: أي لهم من فوقهم أطباق من النار، تلتهب عليهم، ومن تحتهم ظلل؛ أي: أطباق من النار، وسمي ما تحتهم ظللا لأنها تظلل من تحتها من أهل النار؛ لأن طبقات النار، كان في كل طبقة منها طائفة من طوائف الكفار، كما قال السدي: هي لمن تحتهم ظلل، وهكذا حتى ينتهي إلى القعر والدرك الأسفل، الذي هو للمنافقين. فالظلل لمن تحتهم، وهي فرش لهم، وكما قال في «الأسئلة المقحمة»: كيف يسمى ما هو الأسفل ظللًا والظلل ما يكون فوقًا؟
والجواب: لأنها تظلل من تحتها.