على المعصية والخلاف.
163 - {إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ (163)} منهم؛ أي: داخلها لعلمه تعالى بأنه يصر على الكفر بسوء اختياره، ويصير من أهل النار لا محالة، فيضلون بتقدير الله من قدّر الله أن يكون من أهل النار، وأما المخلصون منهم فإنهم بمعزل عن إفسادهم وإضلالهم، فهم لا جرم برآء من أن يفتنوا بكم، ويسلكوا مسلككم في وصفه تعالى بما وصفتموه به.
وقرأ الجمهور (?): {صَالِ} بكسر اللام، لأنه منقوص مضاف، حذفت الياء لالتقاء الساكين، وحمل على لفظ {مَنْ}، وأفرد كما أفرد {هُوَ}. وقرأ الحسن وابن أبي عبلة {صالوا الجحيم} بضم اللام مع واو بعدها. وروي عنهما: أنهما قرأا بضم اللام بدون واو. فأما مع الواو فعلى أنه جمع سلامة بالواو، حملا على معنى {مَنْ}، وحذفت نون الجمع للإضافة. وأما بدون الواو، فيحتمل أن يكون جمعا وإنما حذفت الواو خطًا كما حذفت لفظًا، ويحتمل أن يكون مفردًا، وحقه على هذا كسر اللام.
والمعنى (?): أن الكفار وما يعبدونه لا يقدرون على إضلال أحد من عباد الله إلا من هو من أهل النار، وهم المصرون على الكفر، وإنما يصر على الكفر من سبق القضاء عليه بالشقاوة، وأنه ممن يصلى النار؛ أي: يدخلها، فهو لا محالة يكبكب فيها. قال لبيد بن ربيعة:
أَحْمَدُ اللهَ فَلا نِدَّ لَهُ ... بِيَدَيْه الْخَيرُ مَا شَاءَ فَعَلْ
مَنْ هَدَاهُ سُبُلَ الْخَيْرِ اهْتَدَى ... نَاعِمَ الْبَالِ وَمَنْ شَاءَ أَضَلْ
واحتج (?) أهل السنة والجماعة بهذه الآية وهي قوله: {فَإِنَّكُمْ} إلخ، على أنه لا تأثير لإلقاء الشيطان ووسوسته، ولا لأحوال معبودهم في وقوع الفتنة، وإنما المؤثر هو قضاء الله، وتقديره، وحكمه بالشقاوة، ولا يلزم منه الجبر،