159 - ثم إن الله سبحانه نزّه نفسه عما قالوه من الكذب، فقال: {سُبْحانَ اللَّهِ}؛ أي: تنزه الله تعالى تنزهًا لائقًا بجنابه {عَمَّا يَصِفُونَ} به من الولد، والنسب. أو نزهوه تنزيهًا عن ذلك أو ما أبعد، وما أنزه من هؤلاء خلقه وعبيده عما يضاف إليه من ذلك. فهو تعجب من كلمتهم الحمقاء، وجعلتهم العوجاء.
160 - {إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (160)} استثناء منقطع (?) من الواو في {يَصِفُونَ}؛ أي: يصفه هؤلاء بذلك، ولكن المخلصين الذين أخلصهم الله بلطفه من ألواث الشكوك والشبهات، ووفقهم للجريان بموجب اللب برآء من أن يصفوه به. وجعل أبو السعود قوله: {سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} بتقدير قول معطوف على علمت الجنة تقديره ولقد علمت الملائكة أن المشركين لمعذبون لقولهم ذلك، وقالوا: سبحان الله عما يصفون به من الولد والنسب، لكن عباد الله المخلصين، الذين نحن من جملتهم، برآء من ذلك الوصف، بل نصفه بصفات العلى، فيكون المستثنى أيضًا من كلام الملائكة، وقد قرىء {الْمُخْلَصِينَ} بفتح اللام وكسرها، ومعناهما من بيناه قريبًا، وقيل: هو استثناء من المحضرين؛ أي: إنهم يحضرون النار إلا من أخلص. فيكون متصلًا لا منقطعًا. وعلى هذا تكون جملة التسبيح معترضة.
161 - ثم خاطب الكفار على العموم، أو كفار مكة على الخصوص، فقال: {فَإِنَّكُمْ} أيها المشركون. عود إلى خطابهم لإظهار كمال الاعتناء بتحقيق مضمون الكلام {وَما تَعْبُدُونَ}؛ أي: ومعبوديكم. وهم الشياطين الذين أغووهم
162 - {ما أَنْتُمْ} {ما} نافية، و {أَنْتُمْ} خطاب لهم ولمعبوديهم تغليبًا للمخاطب على الغائب {عَلَيْهِ} الضمير عائد لله، و {على} متعلقة بقوله: {بِفاتِنِينَ} جمع فاتن. والفاتن هنا: بمعنى المضل والمفسد، يقال: فتن فلان على فلان امرأته؛ أي: أفسدها عليه وأضلها حاملًا إياها على عصيان زوجها، فعدّى الفاتن بعلى لتضمينه معنى الحمل والبعث. ومفعول {بِفاتِنِينَ} محذوف.
والمعنى (?): ما أنتم بفاتنين أحدًا من عباده؛ أي: بمضلين ومفسدين بحمله