[149]

{وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165)} الآية. فأمرهم أن يصفوا.

قوله تعالى: {أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ} سبب نزوله: ما أخرجه جويبر عن ابن عباس، قال: قالوا: يا محمد أرنا العذاب الذي تخوفنا به، عجله لنا. فنزلت: {أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (204)} الآية، صحيح على شرط الشيخين.

التفسير وأوجه القراءة

149 - ولما كانت قريش، وقبائل من العرب، يزعمون أن الملائكة بنات الله، أمر الله سبحانه رسوله - صلى الله عليه وسلم - باستفتائهم على طريقة التوبيخ والتقريع. فقال: {فَاسْتَفْتِهِمْ} يا محمد؛ أي: استخبر يا محمد هؤلاء المشركين، وسلهم. والفاء: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا كان الله سبحانه موصوفًا بنعوت الكمال، والعظمة والجلال متفردًا بالخلق والربوبية، وجميع الأنبياء مقرين بالعبودية، داعين للعبيد إلى حقيقة التنزيه والتوحيد، وأردت توبيخ هؤلاء المشركين وتقريعهم على زعمهم الفاسد، فأقول لك: استخبرهم على سبيل التوبيخ والتجهيل؛ أي: سل قريشًا وبعض طوائف العرب نحو: جهينة، وبني سلمة، وخزاعة، وبني مليح. فإنهم كانوا يقولون: إن الله تعالى تزوج من الجن، فخرجت منها الملائكة، فهم بنات الله. ولذا يسترهن عن العيون، فأثبتوا الأولاد لله تعالى، ثم زعموا أنها من جنس الإناث لا من جنس الذكور، وقسموا القسمة الباطلة، حيث جعلوا الإناث لله تعالى، وجعلوا الذكور لأنفسهم. فإنهم كانوا يفتخرون بذكور الأولاد، ويستنكفون من البنات، ولذا كانوا يقتلونهن، ويدفنونهن حياء، كما قال تعالى: {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58)} الآية. ومن (?) هنا أنه: من رأى في المنام أنه اسود وجهه، فإنه يولد له بنت.

وفي «الكشاف» قوله: {فَاسْتَفْتِهِمْ} معطوف (?) على مثله في أول السورة؛ أي: على قوله: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا} وإن تباعدت المسافة بينهما، أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باستفتاء قريش عن وجه إنكار البعث أولًا، ثم ساق الكلام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015