موصولًا بعضه ببعض، ثم أمره باستفتائهم عن وجه القسمة الضيزي، التي قسموها، حيث جعلوا لله تعالى الإناث، ولأنفسهم الذكور في قولهم: الملائكة بنات الله مع كراهتهم الشديدة لهن، وو وأدهم، واستنكافهم عن ذكرهن. وهذا العطف الذي قاله الزمخشري بعيد.
أي: سلهم يا محمد {أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ} اللاتي هي أوضع الجنسين {وَلَهُمُ الْبَنُونَ} الذين هم أرفعهما. وفيه تفضيل لأنفسهم على ربهم، وذلك مما لا يقول به من له أدنى شيء من العقل، وارتكبوا (?) في زعمهم ثلاثة أنواع من الكفر: التجسيم؛ لأن الولادة مختصة بالأجسام، وتفضيل أنفسهم حيث نسبوا أرفع الجنسين لهم وغيره لله تعالى، واستهانتهم بمن هو مكرم عند الله تعالى، حيث أنثوهم، وهم الملائكة بدأ أولًا بتوبيخهم على تفضيل أنفسهم بقوله: {أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ}، وعدل عن قوله: ألربكم إلى ما قاله، لما في ترك الإضافة إليهم من تخسيسهم وشرف نبيه بالإضافة إليه.
والمعنى (?): أي سل يا محمد قريشًا مؤنبًا لها، ومقرعًا على ضعف أحلامها، وسفاهة عقولها: ألربي البنات، ولكم البنون؟ فمن أين جاءكم هذا التقسيم، وإلام تستندون؟. وإنكم لتكرهون البنات، وتبغضونها أشد البغض، كما جاء في قوله: {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ ...} الآية. وفيه إشارة إلى كمال جهالة الإنسان، وضلالته. إذا وكل إلى نفسه الخسيسة، وخلي إلى طبيعته الركيكة، أنه يظن بربه ورب العالمين نقائص لا يستحقها أدنى عاقل، بل غافل من أهل الدنيا.
150 - ثم زاد في توبيخهم وتقريعهم، فقال: {أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثًا} جمع أنثى {وَهُمْ شاهِدُونَ}؛ أي: والحال أنهم حاضرون، خلقنا إياهم إناثًا، فأضرب عن الكلام الأول إلى ما هو أشد منه في التبكيت، والتهكم بهم، ويجوز أن تكون (?) {أَمْ} منقطعة بمعنى بل وهمزة الاستفهام الإنكاري، وأن تكون متصلة معادلة