وقرأ الجمهور: {تَرَى} بفتح التاء والراء. وقرأ عبد الله، والأسود بن يزيد، وابن وثّاب، وطلحة، والأعمش، ومجاهد، وحمزة، والكسائي بضم التاء وكسر الراء. وقرأ الضحاك، والأعمش أيضًا بضم التاء وفتح الراء، فالأول: من الرأي، والثاني: ماذا ترينه وما تبديه لأنظر فيه، والثالث: ما الذي يخيّل إليك ويوقع في قلبك.

والمعنى (?): أي لما كبر وترعرع، وصار يذهب مع أبيه، ويسعى في أشغاله وقضاء حوائجه قال له: يا بني إني رأيت في المنام أني أذبحك، فما رأيك؟، وقد قص عليه ذلك، ليعلم ما عنده فيما نزل به، من بلاء الله، فيثبّت قدمه إن جزع، وليوطّن نفسه على الذبح، ويكتسب المثوبة بالانقياد لأمر الله تعالى.

ثم بيّن أنه كان سميعًا مطيعًا منقادًا لما طلب منه بقوله: {قالَ} الغلام {يا أَبَتِ}؛ أي: يا أبي ويا والدي. ولما كان خطاب الأب يا بنيّ، على سبيل الترحم والشفقة، قال هو: يا أبت على سبيل التعظيم والتوقير {افْعَلْ ما تُؤْمَرُ} به من الذبح. فحذف الجار أولًا على القاعدة المطردة، ثم حذف العائد إلى الموصول بعد انقلابه منصوبًا بإيصاله إلى الفعل أو حذفا دفعةً. أو المعنى: افعل أمرك على إرادة المأمور به. والإضافة إلى المأمور. وصيغة (?) المضارع حيث لم يقل: ما أمرت للدلالة على أن الأمر متعلق به، متوجه إليه، مستمر إلى حين الامتثال به. وفي «البيضاوي»: وإنما ذكر بلفظ المضارع. لتكرار الرؤيا، انتهى. ولعله فهم من كلامه، أنه رأى ذبحه مأمورًا به، ولذا قال: {ما تُؤْمَرُ}؛ أي: قال الغلام لأبيه: افعل ما أمرت به. قال ابن إسحاق وغيره: لما أمر إبراهيم بذلك قال لابنه: يا بني خذ الحبل والمدية، وانطلق إلى هذا الشعب نحتطب، فلما خلا إبراهيم بابنه في الشعب، أخبره بما أمره الله به، فقال: افعل ما تؤمر.

والمعنى (?): أي قال الغلام: يا أبت سميعًا دعوت، ومن مجيب طلبت،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015