تحمله من الأقوات وسائر حوائجهم المعيشية، ولولا ذلك لما بقي للآدمي نسل، ولا عقب من بعده.
ونحو الآية قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31)}.
{وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ (42)}؛ أي: وخلقنا من مثل تلك السفن البحرية، سفنا برية، وهي الإبل التي تسير في الصحاري، كما قال شاعرهم:
سَفائِنُ برٍّ والسَّرابُ بِحَارُهَا
ونحوها قطر السكك الحديدية، والسيارات والسفن الهوائية من مطاود، وطائرات تسير في الجو حاملة للناس السلع المختلفة. والذخائر الحربية، ومن جراء هذا لم يعين الكتاب الكريم، ما يركبون لما سيظهر في عالم الوجود، مما هو مخبأ في صحيفة الغيب. وهذا من إعجاز الكتاب الكريم. ونحو الآية: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ (8)}.
43 - ثم ذكر لطفه بعباده حين ركوبهم تلك السفن، فقال: {وَإِنْ نَشَأْ} إغراقهم {نُغْرِقْهُمْ} في اليم مع ما حملناهم فيه من الفلك. وهذا من تمام الآية التي امتن بها عليهم. ووجه الامتنان أنه لم يغرقهم في لجج البحار مع قدرته على ذلك. والضمير (?) يرجع إما إلى أصحاب الذرية أو إلى الذرية أو إلى الجميع على اختلاف الأقوال. وتعليق الإغراق بمحض المشيئة. إشعار بأنه قد تكامل ما يوجب هلاكهم من معاصيهم، ولم يبق إلا تعلق مشيئته تعالى به. {فَلا صَرِيخَ لَهُمْ}؛ أي: فلا مغيث لهم يحرسهم من الغرق، ويدفعه عنهم قبل وقوعه {وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ}؛ أي: ينجون منه بعد وقوعه، ولا يخلّصون. يقال: أنقذه واستنقذه إذا خلّصه من ورطة ومكروه
44 - {إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا} استثناء مفرغ من أعم العلل الشاملة للباعث المتقدم، والغاية المتأخرة؛ أي: لا يغاثون، ولا ينقذون لشيء من الأشياء، إلا لرحمة عظيمة ناشئة من قبلنا داعية إلى الإغاثة والإنقاذ، كذا قال