مجيبين فيها, ولم يتلبثوا في بيوتهم لحفظها إلا يسيرًا، قيل: قدر ما يأخذون سلاحهم. انتهى.
وقرأ الجمهور (?): {سُئِلُوا}، وقرأ الحسن: {سولوا} بواو ساكنة بعد السين المضمومة، قالوا: وهي من سأل يسال، كخاف يخاف، لغة: من سأل المهموز العين، وحكى أبو زيد هما يتساولان. انتهى.
ويجوز أن يكون أصلها الهمز, لأنه يجوز أن يكون سولوا على قول من يقول في ضرب ضرب ثم سهل الهمزة، بإبدالها واوًا، على قول من قال: في بؤس بوس، بإبدال الهمزة واوًا لضم ما قبلها، وقرأ عبد الوارث عن أبي عمرو والأعمش: {سيلوا} بكسر السين من غير همز، نحو قيل، وقرأ مجاهد: {سويلوا} بواو بعد السين المضمومة، وياء مكسورة بدلًا من الهمزة، وقرأ الجمهور {لَآتَوْهَا} بالمد؛ أي: لأعطوها، وقرأ نافع وابن كثير: {لأتوها} بالقصر؛ أي: لجاؤوها.
وفي هذا إيماء (?) إلى أن الإيمان لا قرار له في نفوسهم، ولا أثر له في قلوبهم، فهو لا يستطيع مقابلة الصعاب، ولا مقاومة الشدائد، فلا تعجب لاستئذانهم، وطلبهم الهرب من ميدان القتال.
والخلاصة: أن شدة الخوف والهلع الذي تمكن في قلوبهم، مع خبث طويتهم، وإضمارهم النفاق، تحملهه على الإشراك بالله، والرجوع إلى دينهم، عند أدنى صدمةٍ تحصل لهم من العدو، فإيمانهم طلاء ظاهري، لا أثر له في نفوسهم بحال، فلا عجب إذا هم تسللوا لواذًا، وبلغ الخوف من نفوسهم كل مبلغ.
15 - ثم بيَّن أن لهم سابقة عهدٍ بالفرار وخوف اللقاء من الكماة، فقال: {وَلَقَدْ كَانُوا}؛ أي: وعزتي وجلالي لقد كان الفريق الذين استأذنوك للرجوع إلى منازلهم في المدينة، وهم بنو حارثة وبنو سلمة {عَاهَدُوا اللَّهَ} سبحانه وحلفوا له {مِنْ