قَبْلُ}؛ أي: من قبل واقعة الخندق، يعني: يوم أحد، حين هموا بالانهزام، ثم تابوا لما نزل فيهم ما نزل كما سبق في آل عمران، وقال قتادة: وذلك أنهم غابوا عن بدر، ورأوا ما أعطى الله لأهل بدر من الكرامة والنصر، فقالوا: لئن أشهدنا الله قتالًا .. لنقاتلن.
{لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ}: جواب قسم؛ لأن {عَاهَدُوا}: بمعنى حلفوا، كما في "الكواشي"؛ أي: لا يتركون العدو خلف ظهورهم ولا يفرون من القتال ولا ينهزمون ولا يعودون لمثل ما في يوم أحد، ثم وقع منهم هذا الاستئذان نقضًا للعهد، وقال أبو البقاء: ويقرأ بتشديد النون وحذف الواو على تأكيد جواب القسم. اهـ. "سمين".
{وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ} سبحانه وتعالى {مَسْئُولًا} عنه صاحبه يوم القيامة، ومطلوبًا بالوفاء به في الدنيا، ومجازًى على ترك الوفاء به يوم القيامة، يسأل عنه: هل وفي المعهود به، أو نقضه فيجازى عليه؟ وهذا وعيد.
والمعنى: أي (?) ولقد كان هؤلاء المستأذنون، وهم بنو حارثة وبنو سلمة، قد هربوا يوم أحد، وفروا من لقاء عدوهم، ثم تابوا وعاهدوا الله أن لا يعودوا إلى مثلها، وأن لا ينكثوا على أعقابهم حين قتالهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم بين ما للعهد من حرمةٍ فقال: {وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ} يسأل عن الوفاء به يوم القيامة ويجازى عليه.
16 - ثم أمر الله رسوله أن يقول لهم: إن فراركم لا يؤخر آجالكم، ولا يطيل أعماركم، فقال: {قُلْ} يا محمد لهؤلاء المستأذنين الفارين من قتال العدو ومنازلته في الميدان: {لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ} والهرب، ولا يدفع عنكم ما أبرم في الأزل، من موت أحدكم حتف أنفه، {إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ} قتلة بسيف أو نحوه، إن فررتم من {الْقَتْلِ}، والقتل: فعل يحصل به زهوق الروح، فإنه لا بد لكل شخص من الفناء والهلاك، سواء كان بحتف أنف أو بقتل سيف في وقت