سَبِيلٌ في أَنْ يَرْجِعَ في تَدْبِيرِه إيَّاهُ، وقَدْ يَرْجِعُ الرَّجُلُ عَنْ قَوْلهِ في زَكَاةِ مَالِهِ، فَيَقُولُ: إنَّي قَدْ أَدَّيْتُهَا فتَسْقُطُ عَنْهُ، وقَدْ يُبَدَّاَ أَيْضَاً عَلَيْهَا صُدَاقُ المَرِيضِ لأَنَّهُ كالجِنَايَةِ، فَلِذَلِكَ بُدِّأَ في الثُّلُثِ على الزَّكَاةِ المُوصَى بِها.

* قالَ أَبو عُمَرَ: تَرْجَمَ مَالِكٌ في المُوطَّأ (بَابَ الزَّكَاةِ في الدَّيْنِ) [872] علَى مَعْنَى: أَنَّ الدَّيْنَ يُرَدُّ إلى صَاحِبهِ، فَيُزَكِّيهِ إذا قَبَضَهُ إنْ كَانَ قَدْ حَالَ عَلَيْهِ الحَوْلُ مِنْ يَوْمِ دَايَنَ بهِ.

* قالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: أَسْقَطَ الصَّحَابَةُ الزَّكَاةَ مِنَ الدِّيُونِ إذ لَيْسَتْ في مِلْكِ مَنْ هِي لَهُ، وإذ لَيْسَتْ مِلْكًا لِمَنْ هِي عليهِ، ولِهَذا كَانَ يَخْطُبُ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ فَيَقُولُ: (هذَا شَهْرُ زَكَاتِكُم، فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دينٌ فَلْيُؤَدِّ دَيْنَهُ) [873]، يَعْنِي: كَي يَقْبِضَهُ صَاحِبُهُ فَيُزَكِيِّه.

* قالَ الزُّهْرِيُّ: (كَانَ يَخْطُبُ بهَذا عُثْمَانُ في شَهْرِ رَمَضَانَ) (?)، فَلِهَذَا قَالَ أَهْلُ المَدِينَةِ: لَا زَكَاةَ في دَيْنٍ قَبْلَ قَبْضِهِ.

* المَالُ الضِّمَارُ: هُوَ المَالُ المُغَيَّبُ عَنْ صَاحِبهِ (?)، وَكَتَبَ عُمَرُ بنُ عبدِ العَزِيزِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنَ المَالِ الذي غُيِّبَ عَنْ أَصْحَابِهِ سِنِينَ زَكَاةَ تِلْكَ السِّنِينَ إذا صُرِفَ إليهم، ثُمَّ عَقَّبَ بعدَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ آخَرَ: أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ إلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، فإنَّهُ كَانَ ضِمَارَاً [874]، يعنِي: أَنَّهُ كَانَ مُغَيَّبًا عَنْ أَصْحَابِهِ في غَيْرِ مِلْكِهِم.

فَفِي هذَا مِنَ الفِقْهِ: أنَّ يَتَعَقَّبَ المُفْتِي مَا أَفْتَى بهِ بمَا يَرَاهُ أَصْلَحَ في المَعْنَى مِمَّا فِيه أَوَّلاً، وإنَّمَا يَصِحُّ بهذَا للمُسْتَعْجِزِ في العِلْمِ المُسْتَنْبِطِ منهُ.

* [قالَ أَبو المُطَرِّفِ]: قَوْلُ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ فِيمَنْ لَهُ مَالٌ وعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ أَنْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ [875] إنَّما هَذا إذا لَمْ يَكُنْ لَهُ بهِ أَصْلٌ أو عَرَضٌ، فهَذا لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015