قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: لَيْسَ يُحْتَجُّ في إسْقَاطِ الزَّكَاةِ عَنْ حُلِيِّ النِّسَاءِ بِمِثْلِ قَوْلِ عَائِشَةَ: (أَنَّهُ لا زَكَاةَ فيه) (?)، وذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ صَاحِبَةُ حُلِيٍّ، ولَمْ يُحْفَظْ عَنْهَا أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهَا بِزَكَاتهِ، وبهذَا قالَ ابنُ مَسْعُودٍ، وابنُ عُمَرَ، وأنسُ بنُ مَالِكٍ، وجَابِرُ بنُ عبدِ الله وغُيْرُهم مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.
ولَمْ يَكُنْ في اللُّؤْلُؤِ، ولَا المِسْكِ، ولَا العَنْبَرِ زَكَاةٌ، لأَنَّ ذَلِكَ ليسَ بِعَيْنٍ، وإنَّمَا هُوَ عَرَضٌ، وقَالَ ابنُ عبَّاس: (لَيْسَ في العَنْبرِ زَكَاةٌ، لأنَّهُ شَيءٌ دَسَرَهُ البَحْرُ) (?)، يعنِي: رَمَى بهِ البَحْرُ.
* قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: أَوْجَبَ عُمَرُ، وعَلَيٌّ، وعَائِشَةُ وغَيْرُهُم الزَّكَاةَ في أَمْوَالِ اليَتَامَى مِنْ أَجْلِ أَنَّ الزَّكَاةَ في الأَمْوَالِ لَا علَى الأَبْدَانِ، لِقَوْلهِ تعالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] يعنِي: الزَّكَاةَ، وقَدْ أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ علَى أنَ على اليَتَامَى زَكَاةَ الفِطْرِ، فَكَذَلِكَ تَجِبُ عَلَيْهِم زَكَاةُ الأَمْوَالِ، وقالَ عُمَرُ: (اتَّجِرُوا بأَمْوَالِ اليَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا الزكَاة) [863].
قالىَ عِيسَى: تَفْسِيرُهُ أَنْ يَتَّجِرَ وَلِيُّ اليَتِيمِ بِمَالهِ، وتَكُونَ زَكَاتُهُ مِنْ رِبْحِه، ويَجُوزُ للوَليِّ أَنْ يَدْفَعَ مَالَ اليَتِيمِ قِرَاضَاً إلى أَهْلِ الأمَانَةِ والثِّقَةِ، ولَا ضَمَانَ عليهِ إنْ تَلِفَ المَالُ، فإنْ دَفَعَهُ إلى غَيْرِ ثِقَةٍ وتَلِفَ المَالُ ضَمِنَهُ الوَليُّ لِتَعَدِّيهِ.
* [قالَ أَبو المُطَرِّفِ]: قَوْلُ مَالِكٍ: (إذا هَلَكَ الرَّجُلُ ولمْ يُؤَدِّ زَكَاةَ مَالهِ أَنّهَا تُبَدَّاَ على الوَصَايَا، وأنَّهَا بمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ) [869]، يُرِيدُ مَالِكٌ بهذَا القَوْلِ: أَنَّهُ لمَّا كَانَ الدَّيْنُ مُبَدَّاَ على المِيرَاثِ كَذَلِكَ تَكُونُ الزَّكَاةُ المُفَرَّطُ فِيها مُبَدَّاَةٌ في الثُّلُثِ على جَمِيعِ الوَصَايَا، وإنَّمَا هذَا إذا أَوْصَى بِها المَيِّتُ أَنْ تُخْرَجَ، وقَدْ يُبَدَّاَ عَلَيْهَا المُدَبَّرُ في الصِّحَةِ (?)، وإنَّما بُدِّأ المُدَبَّرُ على الزَّكَاةِ مِنْ أَجْلِ أَنَ مَنْ دَبَّرَ عَبْدَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ