تفسير المنار (صفحة 4986)

(الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: مَحَبَّةُ الْأَوْلَادِ وَحُدُودُ السَّعْيِ لِخَيْرِهِمْ) :

مَحَبَّةُ الْأَوْلَادِ فَضِيلَةٌ مِنْ فَضَائِلِ الْفِطْرَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ، بَلِ الْغَرِيزَةِ الْحَيَوَانِيَّةِ، وَحُقُوقُهُمْ عَلَى الْوَالِدَيْنِ مُقَرَّرَةٌ فِي الشَّرْعِ بِمَا يُحَدِّدُ دَوَاعِي الْغَرِيزَةِ وَالطَّبْعِ، وَيَقِفُ بِهَا دُونَ الْغُلُوِّ الْمُفْضِي إِلَى عِصْيَانِ اللهِ - تَعَالَى - أَوْ هَضْمِ حُقُوقِ عِبَادِهِ، وَفِي قِصَّةِ نُوحٍ مَعَ وَلَدِهِ الْكَافِرِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مَا فِيهِ إِرْشَادٌ وَهَدْيٌ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي ذَلِكَ، فَهَلْ هُمْ مُتَّبِعُونَ؟

(السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَحِفْظُ كَرَامَتِهِ) :

فِي خَبَرِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ الْمُبَشِّرِينَ لَهُ بِإِسْحَاقَ وَعِنَايَتِهِ بِضِيَافَتِهِمْ، ثُمَّ فِي قِصَّةِ لُوطٍ مَعَهُمْ وَشَدَّةِ عِنَايَتِهِ بِحِفْظِهِمْ مِنْ شَرِّ قَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهُمْ

مَلَائِكَةٌ جَاءُوا لِتَعْذِيبِهِمْ - خَيْرُ أُسْوَةٍ فِي فَضِيلَةِ إِكْرَامِ الضَّيْفِ وَتَكْرِيمِهِ، وَقَالَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ " وَقَالَ: " مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.

(السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: الْعَمَلُ وَالْعِلْمُ وَالِائْتِمَارُ وَالِانْتِهَاءُ عَلَى مَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ) :

هَذِهِ فَضِيلَةٌ هِيَ فَرِيضَةٌ ثَابِتَةٌ بِنُصُوصِ الْقُرْآنِ تُؤَيِّدُهَا بَدَاهَةُ الْعَقْلِ، وَهِيَ شَرْطٌ طَبِيعِيٌّ لِقَبُولِ الْعِلْمِ وَالْإِرْشَادِ مِنَ الْقَائِمَيْنِ بِهِ، وَرُسُلُ اللهِ - تَعَالَى - أَئِمَّةُ الْهُدَى فِيهَا، وَفِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْهَا قَوْلُ شُعَيْبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِقَوْمِهِ: - وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ - 88 وَإِنَّهَا لَعِبَارَةٌ بَلِيغَةٌ فِي مَوْضُوعِهَا فَرَاجِعْ تَفْسِيرَهَا، وَمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهَا، كَأَوَّلِ سُورَةِ الصَّفِّ، وَآيَةُ: - أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ - 2: 44 إِلَخْ. وَانْظُرْ أَيْنَ تَجِدُ عُلَمَاءَ عَصْرِنَا مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ؟

(الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: الْإِصْلَاحُ الْعَامُّ بِقَدْرِ الِاسْتِطَاعَةِ) :

مَا شَرَعَ اللهُ الدِّينَ لِلْبَشَرِ إِلَّا لِيَكُونُوا صَالِحِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ مُصْلِحِينَ فِي أَعْمَالِهِمْ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ شُعَيْبٌ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِصِيغَةِ الْحَصْرِ فِي الْآيَةِ (88) وَهِيَ. - إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ - وَهُوَ أَبْلَغُ الْبَيَانِ وَأَعَمُّهُ وَأَتَمُّهُ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ.

(التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ وَالْعِشْرُونَ: الِاسْتِقَامَةُ وَالثَّبَاتُ عَلَى الْفَضَائِلِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ) قَالَ - تَعَالَى -: - فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ - 112 وَأَهَمُّهَا الْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا، وَمِنْ شَوَاهِدِهَا هُنَا: - وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ - 114 وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015