(الرَّابِعَةُ: الْعَمَلُ الصَّالِحُ الْمُطْلَقُ) :
ذُكِرَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ مَعَ الصَّبْرِ فِي آيَتِهِ الْأُولَى (11) ، ثُمَّ ذُكِرَ فِي صِفَةِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْآيَةِ (23) وَتَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي إِجْمَالِ الْبَابِ، وَفِي مَعْنَاهُ إِحْسَانُ الْعَمَلِ فِي الْآيَةِ السَّابِعَةِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي ابْتِلَاءِ الْبَشَرِ.
(الْخَامِسَةُ: الْإِخْبَاتُ إِلَى الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ) :
ذُكِرَتْ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ مَعْطُوفَةً عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي آيَتِهِ الثَّانِيَةِ (23) وَيَا لَهَا مِنْ فَضِيلَةٍ تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الْإِيمَانِ وَالْعِرْفَانِ وَالْفُرْقَانِ فَرَاجِعْ تَفْسِيرَ الْآيَةِ فِي (ص 49) .
(السَّادِسَةُ: الِاسْتِقَامَةُ كَمَا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى) :
أَمَرَ اللهُ رَسُولَهُ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ فِي خَوَاتِيمِ هَذِهِ السُّورَةِ بِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ بِقَوْلِهِ: - فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ - 112 فَجَعَلَ هَذَا الْأَمْرَ بَعْدَ قِصَصِ الرُّسُلِ فَذْلَكَةً لِفَوَائِدِهَا، وَأَشْرَكَ مَعَهُ فِيهَا الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَتْبَاعِهِ. فَرَاجِعْ تَفْسِيرَهَا (فِي مَوْضِعِهِ بِهَذَا الْجُزْءِ) وَمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ شَأْنِهَا.
(السَّابِعَةُ: إِقَامَةُ الصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا مِنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ) :
جَاءَ الْأَمْرُ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَذِهِ الْإِقَامَةِ لِلصَّلَاةِ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الطُّغْيَانِ وَالرُّكُونِ إِلَى الظَّالِمِينَ وَالْأَمْرِ بِالِاسْتِقَامَةِ، وَعَلَّلَهُ بِالْقَاعِدَةِ الْعَامَّةِ فِي تَكْفِيرِ الْحَسَنَاتِ لِلسَّيِّئَاتِ، وَأَعْظَمُ الْحَسَنَاتِ الرُّوحِيَّةِ إِقَامَةُ الصَّلَوَاتِ، إِرْشَادًا لِأُمَّتِهِ إِلَى الْمُبَادَرَةِ إِلَى تَطْهِيرِ أَنْفُسِهِمْ وَتَزْكِيَتِهَا، فِي أَثَرِ كُلِّ مَا يَعْرِضُ لَهُمْ مِمَّا يُدَسِّيهَا وَيُدَنِّسُهَا.
فَرَاجِعْ تَفْسِيرَهَا وَتَحْقِيقَ مَعْنَى هَذَا التَّطْهِيرِ فِيهِ بِمَا يُرْشِدُ إِلَيْهِ عِلْمُ النَّفْسِ.
(الثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ: النَّهْيُ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، وَيَلْزَمُهُ الْأَمْرُ بِالصَّلَاحِ فِيهَا) :
(وَهُمَا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ) :
بَعْدَ أَنْ بَيْنَ اللهُ - تَعَالَى - لِعِبَادِهِ فِي آخِرِ كُتُبِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ مَا يُكَفِّرُ سَيِّئَاتِهِمْ أَفْرَادًا، وَهُوَ فِعْلُ الْحَسَنَاتِ الَّتِي تَمْحُو أَثَرَهَا السَّيِّئَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ،
بَيَّنَ لَهُمْ مَا هُوَ مَنْجَاةٌ لِلْأُمَّةِ وَالشَّعْبِ مِنَ الْهَلَاكِ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ، وَهُوَ وُجُودُ طَائِفَةٍ عَظِيمَةِ التَّأْثِيرِ فِيهَا تَنْهَاهَا عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ بِالظُّلْمِ وَالْفَسَادِ وَالْفُسُوقِ بِارْتِكَابِ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: - فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ - 116 وَبَيَّنَ لَنَا عَقِبَ هَذَا فِي الْآيَةِ أَنَّ الْقُرُونَ الَّتِي أَهْلَكَهَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إِلَّا قَلِيلٌ مِنْ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ أَنْجَاهُمْ