(شَوَاهِدُ ذَمِّ الْقُرْآنِ النَّزِيهِ لِلْكَفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ)
(1 - 4) وَصَفَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْآيَاتِ (8 - 10) بِأَنَّهُمْ لَا يَرْقُبُونَ وَلَا يُرَاعُونَ فِي أَحَدٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً، حَتَّى قَطَعُوا أَرْحَامَهُمْ بِهِمْ خِلَافًا لِعَادَاتِهِمْ فِي عَصَبِيَّةِ النَّسَبِ، وَأَنَّهُمْ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ، وَأَنَّ أَكْثَرَهُمْ فَاسِقُونَ، وَأَنَّهُمْ هُمُ الْمُعْتَدُونَ.
(5) قَوْلُهُ تَعَالَى فِي مَنْعِهِمْ عَنْ عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَغَيْرِهِ وَمِنَ التَّعَبُّدِ فِيهِ: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ)
(9: 17) .
(6) قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) (9: 28) وَكَانَتْ نَجَاسَتُهُمْ مَعْنَوِيَّةً وَهِيَ الشِّرْكُ وَخُرَافَاتُهُ، وَحِسِّيَّةً إِذَا كَانُوا يَأْكُلُونَ الْمَيْتَةَ، وَلَا يَدِينُونَ بِالطَّهَارَةِ مِنَ النَّجَاسَةِ وَلَا الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ.
(7 - 10) وَصَفَ كُفَّارِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الْآيَةِ (30) بِأَنَّهُمْ بِاتِّخَاذِ ابْنٍ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَوَثَنِيِّ قُدَمَاءِ الْهِنْدِ وَالْمِصْرِيِّينَ، وَقَوْلِهِ: (قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (9: 30) وَوَصَفَهُمْ فِي الْآيَةِ (31) بِأَنَّهُمْ: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ) وَفِي الْآيَةِ (32) بِأَنَّهُمْ (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ) أَيْ بِكَلَامِهِمُ الْبَاطِلِ فِي الصَّدِّ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَفِي الْآيَةِ (34) بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَحْبَارِهِمْ وَرُهْبَانِهِمْ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ. وَكُلُّ هَذِهِ الصِّفَاتِ ظَاهِرَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي تَارِيخِهِمُ الْمَاضِي وَسِيرَتِهِمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَمِنْ دَقَائِقِ الصِّدْقِ فِي الْقُرْآنِ الْحُكْمُ فِي مِثْلِ هَذَا الْكَثِيرِ مِنْهُمْ دُونَ الْجَمِيعِ كَمَا قَالَ فِي الْمُشْرِكِينَ: (وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ) (9: 8) وَلَمْ يُعْهَدْ مِثْلُ هَذَا التَّحَرِّي فِي كَلَامِ الْبَشَرِ.
وَأَمَّا وَصْفُهُ لِشُرُورِ الْمُنَافِقِينَ وَذَمِّهِمْ فِيهَا فَنُلَخِّصُهُ فِيمَا يَأْتِي تَابِعًا فِي الْعَدَدِ لِمَا قَبْلَهُ.
(11) ذَكَرَ فِي اسْتِئْذَانِ الْمُنَافِقِينَ وَاعْتِذَارِهِمْ عَنِ الْخُرُوجِ إِلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ وَبَيَانِ مَا يَكُونُ شَأْنُهُمْ لَوْ خَرَجُوا مِنِ ابْتِغَاءِ الْفِتْنَةِ وَالْإِفْسَادِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ بِالتَّثْبِيطِ وَغَيْرِهِ، وَلَمْ يَزِدْ فِيهَا عَلَى قَوْلِهِ فِيهِمْ: (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (9: 47) وَقَوْلِهِ: (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ) (9: 49) (رَاجِعِ الْآيَاتِ 42 - 49) .
(12 و13) تَعْلِيلُ عَدَمِ قَبُولِ نَفَقَاتِهِمْ فِي الْآيَةِ (53) بِفِسْقِهِمْ، وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ) (9: 54) .
(14 و15) وَصَفَهُمْ بَعْدَ إِثْبَاتِ اسْتِهْزَائِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرُسُلِهِ وَاعْتِذَارِهِمْ عَنْهُ