لمنفعة يجلب بها إلى نفسه، أو لمضرة يدفعها عن نفسه، وإنما أمرهم ونهاهم؛ لمنافع ترجع إليهم ومضار تلحقهم، ثم أضيف إليه الأمر والنهي وإن كان لا منفعة له ولا مضرة عليه؛ فكذلك ابتلى خلقه؛ ليظهر للمبتلى عداوته وولايته، لا لتظهر له، وأضاف الابتلاء إلى نفسه وإن كان هو مستغنيا عن الابتلاء، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ).
ففيه إبانة أنه لم يبتلنا لمنفعة أو لعز يرجع إليه، أو لذل يدفع عنه، ولكن لعز يحرزه الممتحن إذا أحسن العمل وذنوب تغفر له وتستر عليه، وهو عزيز بذاته.
وجائز أن يكون معنى قوله: (وَهُوَ الْعَزِيزُ)، أي: القوي على الانتقام ممن ساء عمله، واختار عداوته، (الْغَفُورُ): الستور على من حسن عمله، يستر عليه ذنبه، ويجزيه بحسن عمله، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3).
ففي ذكر السماوات السبع إيجاب القول بتصديق ما يأتي به الرسل؛ لأن كون السماوات سبعا لا يعرف إلا من طريق الخبر، وقد ثبت وجود هذا القول على ألسن الرسل وهذه الآية أثبتت تصديق ما يأتي به الرسل؛ فليس منا القول في السماوات أنها سبع وإن لم تشاهد.
ثم يحتمل قوله: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا)؛ ليبلو أهلها: أيهم أحسن عملا؛ لأنه بين أنه لم يخلق السماوات والأرضين باطلا، ثم السماوات بأنفسها لا تمتحن، وإنما يمتحن أهلها، لكنه اقتضى ذكر السماوات ذكر أهلها، واقتضى ذكر الأرض ذكر أهلها، فأخبر بذكر الأرض عن ذكر أهلها، وبذكر السماوات عن ذكر أهلها، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ).
أي: انظر في خلق الرحمن، هل ترى فيه من تفاوت أو فطور؟! فإنك إن رأيت فيه فطورًا، ظننت أن في مدبره عددًا، وإن رأيت فيه تفاوتا، ظننت في منشئه سفهًا، فإنك