(52)

(53)

(54)

(55)

وجائز أن يكون معناه: ولقد أهلكنا جنسكم، والحكيم لا يخلق الخلق للفناء والهلاك، فاعلموا أنه أنشأكم للعاقبة.

وفيه إثبات البعث، لكنه لا تدركه أفهام الكفرة وعقولهم، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52) يخرج هذا - أيضًا - على وجهين:

أحدهما: كل شيء فعلوه من التكذيب والعناد، كان في الكتب المتقدمة، أي: عن علم بصنيعهم وفعلهم أنشأهم، وبعث إليهم الرسل؛ وهو رد على من يقول: إنه لا يعلم ما يكون منهم حتى يكون منهم ذلك؛ لأنه لو كان يعلم ذلك لا يحتمل أن يبعث الرسل - عليهم الصلاة والسلام - إليهم ويأمرهم، وينهاهم، وهو يعلم أنهم يكذبون رسله، ويخالفون أمره، فرد عليهم وبين أنه لم يزل عالما بما كان ويكون، وقد بينا قبل هذا أنه تعالى بعث الرسل - عليهم السلام - وإن علم منهم التكذيب والخلاف؛ وذلك لأن المنافع والمضار راجعة إليهم دونه، واللَّه أعلم.

وجائز أن يكون معناه: (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) أي: في الكتب التي تكتب عليهم الملائكة ويؤمرون بالقراءة في القيامة؛ كقوله تعالى: (اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53) هذا أيضا يخرج على هذين الوجهين:

أحدهما: مستطر في الكتب التي قبلهم.

أو في الذين يملون على الحفظة؛ كقوله تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ)، وقال في موضع آخر: (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ).

ثم اختلف في تأويل قوله: (وَنَهَرٍ (54).

قيل: نهر من النور، أي: هم في ضياء ونور وسرور، وهو قول الأصم.

وقال الفراء: النهر: السعة؛ يقال: أنهرت الطعنة، أي: وسعتها.

وقال أهل التأويل: أي: الأنهار.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ ... (55) أي: موعود صدق؛ كأنه كناية عن راحة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015