وسرور لهم؛ كقوله: (كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا)، أخبر أنهم يستريحون فيها، أو يسكنون ويقرون، لا يريدون التحول منها، وهو مقابل ما ذكر للكفار: (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ) أي: يجرون، وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا)، وقوله تعالى: (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا)، يطلبون الخروج منها، وأخبر أنهم يكونون أبدا في عناء وشدة وبلاء حتى لا يقرون في مكان، وعلى هذا يخرج قوله: (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ)، أي: لهم موعود صدق عند ربهم، أي: تقر أقدامهم في ذلك؛ فيكون هو كناية عن الثبات.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ).
إن الرجل إذا كان في فضل وخير يضاف بكونه فيه إلى اللَّه تعالى، نحو ما يقال: في سبيل اللَّه، ووفود اللَّه، وغير ذلك من الأمكنة التي هي أمكنة الفضل والخير تضاف إلى اللَّه، نحو: بيت اللَّه، ومساجد اللَّه؛ لأنها أمكنة القرب والفضل، فعلى ذلك قوله: (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) أضاف بكونهم في أمكنة الفضل والخير والمنزلة عند الله تعالى، لا أنه يوصف بمكان أو مقام؛ بل هو ممسك الأمكنة كلها ومنشئ الأزمنة بأسرها، واللَّه الموفق، وصلى اللَّه على سيدنا مُحَمَّد وآله أجمعين.
* * *