وإن كان اللَّه نعالى يوفق على قدر الجهد، ويعصم على قدر الرغبة إليه والاعتصام به، ولا قوة إلا باللَّه.
وليس بنا حاجة إلى ذكر حكمة الزلة، إذا كانت نفسُه مجبولةً على حبه، باعثةً إلى مثله لولا نعمة الرب.
كما قال يوسف - عليه السلام -: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي. . .) الآية.
وقال: (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا).
ثم اختلف في ماهية الشجرة:
قيل: بأَنها شجرة العنب، وجعل للشيطان فيها نصيبًا بما بلى به أبو البشر وأُمهم.
وقيل: الحنطة فيها جعل غذاء ولده؛ ليبدل بالراحة الكد، وبالنعمة البؤس.
وقيل: شجرة العلم، إذ بدث لهما سوآتهما فعلما بذلك ما لم يسبق لهما في ذلك، وفزعا إلى ما يُستران به من الورق.
ْفالأَصل أَن هذا نوع ما يعلم بالخبر من عند عالم الغيب، وليس بنا إلى تعرف حقيقته حاجة، وإنَّمَا علينا معرفة قدر المعصية؛ فنعتصم باللَّه عنها، والطاعةِ؛ فنرغب فيها، وباللَّه العصمة.
والأَصل فيه أَن اللَّه تعالى فرق بين دار المحنة ودار الجزاءِ؛ إذ الجمع بينهما يزيل البلوى، ويكشف الغطاءَ؛ فجعل اللذيذَ الذي لا راحة فيه، والمؤلمَ الذي لا تنغيص فيه - جزاءً، والتردد بينهما محنة، ولا قوة إلا باللَّه.
وقوله تعالى: (فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ).
أي: تصيران منهم.
وكذلك القول في إبليس: (وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) أي: صار منهم.
ويحتمل: ممن يكونون كذلك؛ إذ في علم اللَّه أَنهم يصيرون ممن في علم الله كذلك، مع جواز القول بلا تحقيق آخر؛ كقوله: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) لا أَنَّ ثَمَّ خالقًا غيره.