وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا)، ليس على كل عصيانٍ، ولا الوعيد بالظلم المطلق بوجه كل ظالم وكل عصيانٍ وغواية، بل يلزم به تقسيم هذه الحروف على ما يلحق به، ومن يريد بها الجمع في كل الأَنامِ خارج عن المعروف من أحكام اللَّه في أَهل المآثم.

والثاني: قد عوقب بوجه لا يجب جزءٌ منها بما يسميه المعتزلة كبيرة، بل يُزيل به اسمَ الإيمان؛ من نحو شُرب قطرة من الخمر، أو قذف محصنة، أَو أَخذ عشرة دراهم من مال آخر.

وكذلك فعل أولاد يعقوب. ثم لم يجترئ أَحد على دعوى خروج من ذكرت من دين اللَّه؛ لزم بطلان قولهم، مع ما كان من قولهم: إن الصغيرة لا يَجوزُ في الحكمة التعذيبُ عليها، ولا الكبيرة العفو عنها.

وقد كان عذب آدم عليه السلام - بأنواع العذاب، لما لو لم يكن سوى ما أَظهر فعلَهما على رءوس الخلائق لكان عظيمًا.

ثم اختلف في الوجه الذي بلى:

منهم من يقول: لما كان من صلبه من الكفرة وهم ليسوا بأَهل الجنة.

وقيل: رحمة للخلق لئلا ييأَسوا، ولا يزيل الولاية بكل ذنب.

وقيل: بليا لتنبئة الخلق -بهما- ألا يقوم أحد بتعاهد نفسه عما يذم إليه إذا وكل نفسه إليه، فيكون ذلك سببًا لزجر الخلق عن النظر إلى أنفسهم في شيء من الخير، والفزع إليه، بالعصمة عن كل شيء.

وقيل: بلى بحق المحنة؛ إذ هي ترد صاحبها بين اللذات والآلام، وبين أَحوال مختلفة لا يحتمل أن يصير بحيث يأمن الزلل، وإنما ذلك بحفظ اللَّه ومَنِّه، لا بتدبير أحد وجهده،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015