(36)

ثم معنى تشبيه ما ذكر بالزيت؛ لأن الزيت أصفى شيء وأطهر وأطيب شيء وأضوأ للسراج، وكل المنافع من الإدام والدواء وغيره منه، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) اختلف فيه:

قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (أَنْ تُرْفَعَ) أي: تعظم، ويرفع قدرها -وهي المساجد- على غيرها من البيوت المسكونة بذكر اسم اللَّه فيها، والتسبيح والتنزيه من الأقذار، والأنجاس، ومن الأمور الدنيوية.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (أَنْ تُرْفَعَ) أي: تبنى وتتخذ.

فإن كان التأويل هذا، ففيه الأمر ببناء المساجد واتخاذها.

وإن كان الأول، ففيه الأمر بتعظيم المساجد ورفع قدرها بما ذكر من ذكر اللَّه والتسبيح فيها.

ثم الإذن في هذا الأمر لوجهين:

أحدهما: بحق إقامة الجماعات فيها في هذه الصلوات المعروفة؛ إذ الأرض كلها في الأصل جعلت مسجدًا؛ حيث قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا ".

فهي من حق جواز الصلاة مسجد، فيخرج الأمر به مخرج الأمر ببنائها لإقامة الجماعات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015