وقوله: (لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ) قد ذكرنا بعض أقاويلهم فيما تقدم، لكنا نزيد فيها شيئًا.
قال قائل: هي شجرة ضاحية من حين تطلع الشمس إلى أن تغرب، ليس لها ظل شرقي ولا غربي، وزيتها أصفى الزيت وأعذبه وأطيبه.
وقال قائل: ليست بشرقية يحوزها المشرق، دون المغرب، وليست بغربية يحوزها المغرب دون المشرق، ولكنها بارزة في صحراء أو في رأس جبل تصيبها الشمس النهار كله، وهو مثل الأول.
وقال الكسائي: ليست بشرقية وحدها، ولا بغربية وحدها ولكنها شرقية وغربية، كما تقول: لا آتيك ولا آتي فلانا، له معنيان: إن شئت كان معناه: لا تأتي واحدا منهما، وإن شئت كان معناه: أنك لا تأتيهما معا، ومثله: واللَّه لا آكل ولا يأكل زيد معنيان، وكان يقال: رجل لا يرجو الجنة ولا يخاف النار ويحب الفتنة إنه رجل صالح: أما الفتنة فالمال والولد، قال اللَّه تعالى: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ)، وهو يرجو الجنة ويخاف النار على ما فسرنا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (لَا شَرْقِيَّةٍ) يقول: لا تضحى للشمس من أول النهار إلى آخره، ولا غربية عليها ظل من أول النهار إلى آخره، ولكنها شرقية وغربية يصيبها الشمس والظل، والعرب تقول: لا خير في شجرة في مضآة، ولا خير في شجرة في مضحاة.
وقائل يقول: لا تطلع الشمس ولا تغرب.
وقائل يقول: هي شجرة بالشام ليست بالمشرق وليست بالمغرب.
والحسن يقول: واللَّه لو كانت هذه الزيتونة في الأرض، لكانت شرقية أو غربية، والله ما هي في الأرض، ولكن هذا مثل ضربه اللَّه تعالى لنوره وهو هذا القرآن.
وأما قوله: (نُورٌ عَلَى نُورٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ: إيمان المؤمن نور، وعلمه نور، فهو نور على نور.
قَالَ بَعْضُهُمْ: نور النار على نور الزيت، فذلك نور على نور، وهو بجودته يعني: الزيت.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: نور النار ونور الزيت حين اجتمعا أضاءا، ولا يضيء واحد بغير صاحبه، كذلك نور القرآن ونور الإيمان إذا اجتمعا لا يكون أحدهما مضيئا إلا بصاحبه.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: ما ذكرنا من نور الإيمان والعلم.