فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ)، لو كان ما ملكت أيمانهم يملكون ما يملك الموالي والسادات لكان المماليك يفضلون على السادات، في الملك؛ إذ هم الذين يتصرفون ويكتسبون الأموال دون السادات، فدل ذكر تفضيل بعض على بعض أنهم لا يملكون ما يملك الموالي.
والثاني قوله: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ. . .) الآية، ولو كانوا يملكون على ما يملك السادات، لكانوا لهم فيه شركاء، دل أنهم لا يملكون حقيقة الملك، ولكن يملكون ملك التوسيع والتصرف.
أو أن يكون قوله: (يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) راجعًا إلى الأحرار منهم دون المماليك، وذلك جائز في اللسان كقوله، ثم روي عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: " ثلاثة حق على اللَّه تعالى أن يغنيهم: المجاهد في سبيل اللَّه، والناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء ".
وعن عمر قال: " ما رأيت مثل الرجل لا يلتمس الغناء في الباءة " واللَّه تعالى يقول: (إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ).
وروي في الخبر قال: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء "، وروي في الخبر عن نبي اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال لعمر بن الخطاب: " ما فعلت ببناتك؟ " قال: هن عندي يا رسول اللَّه. قال: " وقد حضن؟ " قال: نعم. قال: " إنك لم تحبس واحدة منهن عن كفؤ إلا نقص من أجرك كل يوم قيراط "، وفي بعض الأخبار: " من بلغ ولده النكاح، وعنده ما ينكحه، فأحدث فالإثم بينهما ".
وقوله: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ... (33) الاستعفاف: هو طلب العفاف؛ كأنه قال: يطلب الأسباب التي تمنعه عن الزنا، وتصيره عفيفًا حتى يغنيه اللَّه من فضله، وأسباب العفة تكون أشياء: