الحق لها عليه جاز ذلك إذا تولت بنفسها؛ لما ذكرنا أن الخطاب للأولياء يخرج على الوجوه التي ذكرنا، واللَّه أعلم.
هذا إذا كان في الآية ذكر الإناث دون الذكور، فكيف أن ليس في الآية ذكر تخصيص الإناث دون الذكور، واسم " الأيم " يقع على الإناث والذكور جميعًا؛ ألا ترى أنه روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: " لما نزلت هذه الآية ما رأيت مثل ما يلتمس بعد هذه الآية إنما التمسوا الغَناء في الباءة ".
وما روي عن نجدة: أن عمر دعانا إلى أن ينكح من أيمنا وفي الشعر:
لله در بني علي ... أيم منهم وناكح
وفي بعضها:
وأيم تأبى من القوم أيماه.
جمع فيها اسم " الأيم ": الرجال والنساء.
ومن الدليل -أيضًا- على ذلك قوله: (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ) فدل ذلك على أنه حث على تزويج البالغين من الأحرار رجالهم ونسائهم.
فَإِنْ قِيلَ: فما وجه أمره بتزويج الرجال والأمر إليهم؟
فجواب ذلك ما ذكرنا من المعونة، والترغيب فيه.
ثم قوله: (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ) جائز أن يكون قوله: (وَالصَّالِحِينَ) أي: المؤمنين.
وجائز أن يكون الصالحين: من طلب منكم الصلاح والعفة.
أو ذكر الصالحين لما كانت العادة في الملوك أنهم يخاطبون أهل الصلاح منهم والأخيار، لا على إخراج غيرهم من حكم ذلك الخطاب، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) من الناس من استدل بهذه الآية على أن العبد يملك؛ لأنه ذكر العبيد والأحرار جميعًا، ثم ذكر في آخره الغناء دل أنه يملك.
ويستدل بقوله: (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)، أضاف الأجور والإيتاء إليهن؛ دل أنهن يملكن، لكن عندنا أن المماليك يملكون ملك التوسيع، وملك التصرف، ويقع لهم غناء التوسيع وغناء التصرف، ولا يقع لهم التمليك، ولا حقيقة الملك، والدلالة على ذلك قوله: (وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ