إنما يذكر في الصَّلاة؛ لأن الصلاة من أولها إلى آخرها ذكر لله؛ ولذلك سمى الصلاة: مناجاة الرب، أو أن يكون قوله: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي)، أي: لتذكرني بها يا موسى.
وقال قائلون: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ) إذا أنت نسيت إذا ذكرتها، وعلى هذا رويت الأخبار عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال ذلك، وقرأ هذه الآية إن ثبتت.
وجائز أن يكون قوله: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) أي: أقم الصَّلاة لتستوجب بها ذكرى.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) أي: لتذكرني فيها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15)
قال الحسن: (أَكَادُ) صلة، كأنه قال: إن الساعة آتية أخفيها، وفي حرف أُبي بن كعب: (إن الساعة آتية أكاد أخفيها من نفسي)، ثم يحتمل قوله: من نفسي وجهين: أحدهما: أخفيها من خلقي، ولا يجب أن يفهم من نفسه: ذاته بالإضافة إليه، كما لم يفهم من قوله: (رُوحِي) و (روحنا)، وهو أخفى من الناس: ذاته، ولكن فهم منه: خلقه؛ فعلى ذلك لا يفهم من قوله: من نفسي ذاته، هذا يحتمل، واللَّه أعلم.
والثاني: أن يكون قوله: (أكاد أخفيها من نفسي)، أي: من أخيار عبادي، أي: أخفيها من أخيار عبادي مع عظيم قدرهم ومنزلتهم عندي من نحو الملائكة والأنبياء والرسل؛ فإن عادة ملوك الأرض: أنهم لا يكتمون سرائرهم من خواصهم، بل يطلعونهم على ذلك، فأخبر - عَزَّ وَجَلَّ - واللَّه أعلم - أنه أخفاها من خواص عباده وأخيارهم،