المباهاة، فأمر بذلك؛ ليكون أخضع له وأكثر تواضعًا، واللَّه أعلم بذلك، وليس لنا أن نفسر ذلك أنه لماذا أمره بذلك؟ إذ له أن يأمر بخلع نعليه لا لمعنى، وليس لنا أن نقول: أمره لهذا، أو لعله أمره بذلك لمعنى آخر، أو لا لمعنى؛ فيخرج ذلك مخرج الشهادة على اللَّه تعالى.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى):
المقدس: المطهر، ولعله سماه مطهرًا؛ لما لم يعبد عليه سواه ودونه، أو سماه: مطهرًا؛ لمعنى خصَّ به؛ لفضل عبادة أو غيرها على ما خصَّ بقاعًا بفضل عبادة تقام فيها من نحو المساجد والحرم وغيره.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (طُوًى):
قَالَ بَعْضُهُمْ: هو من وطء الأرض، أي: طأ الوادى المبارك حافيًا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (طُوًى): قد قدس مرتين، وهو قول الحسن.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (طُوًى) يقول: يطوى مسيره.
نحو هذا قد قالوا، لكن الأصوب ألا يفسر إلا بعد حقيقة به؛ لأنه أنباء كانت في كتبهم ذكرت لرسول؛ لتكون له حجة ودلالة على رسالته عليهم، ففي التفسير خوف دخول الغلط فيه وتغييره، فإذا تغير لم يصر له عليهم حجة ودلالة على رسالته؛ لذلك كان السكوت عنه أولى، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إما بالرسالة والنبوة، أو بأشياء أخر كقوله: (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي. . .) الآية، وقال في آية أخرى: (إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا) أخلصه اللَّه لنفسه بأشياء.
وقوله: (فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى):
هذا يدل أن النداء الَّذِي نودي كان نداء وحي، وهو قوله: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي (14) وهو ظاهر، كذلك أمر رسله أول ما أمروا بذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي):
قَالَ بَعْضُهُمْ: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) لتكون ذاكرًا لي؛ لأن أكثر ما يذكر المرء به