وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ) ظاهر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32)
على تأويل الحسن: تتوفاهم الملائكة وهم طيبون من بين يدي اللَّه يوم الحساب، يقولون لهم: (سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) وقد ذكرنا: أن السلام هو تحية؛ جعل اللَّه بين الخلق في الدنيا والآخرة؛ وقد ذكرناه في غير موضع.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الذين تتوفاهم الملائكة بقبضهم الأرواح في الدنيا، يقبضون أرواحهم وهم طيبون.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: طيبون أحياء وأمواتًا، وهم المؤمنون الذين طابت أعمالهم في الدنيا.
يحتمل السلام وجهين:
أحدهما: تحييهم الملائكة بالسلام في الجنة؛ كما يحيي أهل الإيمان في الدنيا بعضهم بعضا.
والثاني: السلام يكون منهم أمن عن جميع الآفات والمكروهات، واللَّه سبحانه أعلم.
* * *
قوله تعالى: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (33) فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ (34)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ).
هذا الحرف يخرج على الإياس له من إيمانهم؛ أي: ما ينظرون لإيمانهم إلا وقت قبض أرواحهم، أو وقت نزول العذاب عليهم؛ أي: لا يؤمنون إلا في هذين الوقتين، ولا ينفعهم إيمانهم في هذين الوقتين؛ لأن إيمانهم إيمان اضطرار؛ كقوله: (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ)، وكقوله: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) يؤمنون عند معاينتهم بأس اللَّه؛ لكن لا ينفعهم إيمانهم في ذلك الوقت، يخبر أنهم ينظرون ذلك الوقت يؤيس رسوله عن إيمانهم، لما علم أنهم لا يؤمنون؛ ليرفع عنه مؤنة الدعاء إلى الإيمان والقتال معهم.
وقوله: (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) يحتمل العذاب في الدنيا، ويحتمل عند معاينتهم العذاب