(31)

رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ).

ثم اختلف في قوله: (قَالُوا خَيْرًا): قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (قَالُوا خَيْرًا) أي: قولهم الذي قالوا أنه أرسل بحق، وأنه كذا خير.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (قَالُوا خَيْرًا) حكاية عما أنزل على رسول اللَّه عصم: و (خَيْرًا): أي: أنزل عليه ربنا خيرًا، أو أن يكون الناس الذين يأتون من الآفاق يسألون عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فإذا سألوا المؤمنين: ماذا أنزل ربكم؟ قالوا: خيرًا، وإذا سألوا الكفرة قالوا: أساطير الأولين.

وجائز أن يكون أتباع المؤمنين سألوا كبراءهم: ماذا أنزل ربكم؟ قالوا: خيرًا، مقابل ما كان من كبراء الكفرة لأتباعهم أساطير الأولين.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ) من النصر لهم، والظفر على عدوهم.

(وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) لهم مما كان أعطاهم في الدنيا.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: للذين أحسنوا العمل في هذه الدنيا لهم حسنة في الآخرة، ولدار الآخرة خير لهم مما كان أعطاهم في الدُّنيَا؛ أي: الجنة خير وأفضل للمؤمنين مما أوتوا في الدنيا.

(وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ):

قال هذا للمؤمنين مكان ما قال للكافرين: (فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ)، ثم نعت الدار التي وعد المتقين؛ فقال: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ (31) من اللذات والشهوات.

فَإِنْ قِيلَ: أرأيت لو شاءوا أن يكون لهم درجات الأنبياء ومنازل الأبرار والصديقين؛ أيكون لهم ما شاءوا؟

قيل: لا يشاءون هذا؛ لأن مثل هذا إنما يكون في الدنيا إمّا حسدًا؛ وإما تمنيًا، فلا يكون في الجنة حسد؛ لأن الحسد هو أن يرى لأحد شيئًا ليس له؛ فيحسد أو يتمنى مثله، فأهل الجنة يجدون جميع ما يتمنون ويخطر ببالهم، فلا معنى لسؤالهم ربهم ما لغيرهم، واللَّه أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015