وقَالَ بَعْضُهُمْ: لا؛ ولكن يجعل شرابهم فيها صديدًا؛ كشراب أهل الجنة وطعامهم من غير أصل.
وقوله: (وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ) ويحتمل: يسقى من ماء في ظنهم ماء؛ وهو في الحقيقة صديد. ويحتمل أن يكون في الحقيقة والظاهر صديدًا؛ لكن يشربون؛ رجاء أن يدفع عطشهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)
قال أَبُو عَوْسَجَةَ: التجرع: ما يشربه مكرهًا عليه.
(وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ).
يقال: أسغته: أي: أدخلته في الحلق؛ يقال: أسغته فساغ، أي: دخل سهلًا من غير أن يؤذيه، وكذلك قيل في قوله: (سَائِغٌ شَرَابُهُ) أي: سهل في الحلق، وساغ في حلقه؛ إذا دخل دخولا سهلا لا يؤذيه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ).
قال قائلون: يأتيهم الغمّ والهم من كل مكان، وكذلك المتعارف في الخلق: إذا اشتد بهم الغم والهم والشدة، يقال: كأنك ميت؛ أو تموت غمًّا.
وقال بعضهم: (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ) أي: أسباب الموت؛ ما لو كان من قضائه الموت فيها - لماتوا؛ لشدة ما يحل بهم، ولكن قضاؤه؛ ألا يموتون فيها.
قوله تعالى: (وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ) موت حقيقة يستريح من العذاب.