اللَّه تعالى عنكم، أوكم من كرب نفسه اللَّه تعالى عنكم، وكم من غَمٍّ فرجه الله تعالى عنكم؛ فاللهم ربنا لك الحمد.

وقال قائلون: أيام اللَّه: وقائعه؛ أي: ذكّرهم بوقائع اللَّه في الأمم السالفة؛ كيف أهلكهم لما كذبوا الرسل.

هذا يحتمل: أن يذكرهم بنعم اللَّه التي كانت على المصدقين بتصديقهم؛ وهو ما أنجى المصدقين من التعذيب والإهلاك؛ إهلاك تعذيب.

أو ذكر المكذبين منهم بالوقائع التي كانت على أُولَئِكَ بالتكذيب؛ وهو الإهلاك.

ويشبه أن يكون قوله: (بِأَيَّامِ اللَّهِ): الأيام المعروفة نفسها، أمره أن يذكرهم بها؛ ْلأن الأيام تأتي بأرزاقهم؛ وتمضي بأعمالهم وأعمارهم؛ إن كان خيرًا فخير وإن كان شرًّا فشر، وتفني أعمارهم وآجالهم، وفيما تأتى بأرزاقهم نعمة من اللَّه عليهم، وفي ذهاب أعمارهم وآجالهم إظهار سلطان اللَّه وقدرته، فأمره أن يذكرهم بذلك. واللَّه أعلم.

هذا يشبه أن يكون أمر موسى أن يذكر بني إسرائيل ما كان عليهم من فرعون؛ من أنواع التعذيب، ثم الإنجاء من بعد، يقول - واللَّه أعلم - ذكرهم الأيام الماضية وما يتلوها، وهذا أشبه وأقرب. واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) وقد ذكرنا أن الصبر: هو كف النفس عن معاصي اللَّه وعن جميع مناهيه، والشكر: هو الرغبة في طاعته، أخبر أن فيما ذكر آيات لمن كف نفسه عن المعاصي؛ ورغب في طاعته، لا لمن تطاول على الرسل؛ وتكبر عليهم؛ وترك إجابتهم؛ ولم يرغب فيما دعوه إليه، ليس لأمثال هَؤُلَاءِ عبرة وآية ولكن لمن ذكرنا.

ويشبه أن يكون الصبار والشكور كناية عن المؤمن لأن كل من آمن باللَّه ووحَّده - اعتقد الكف عن جميع معاصيه، والرغبة في كل طاعته، وإن كان يقع أحيانًا في معصيته، فكأنه قال: إن في ذلك لآيات للمؤمنين، على ما ذكر في غيره من الآيات؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015