ويهدي من يشاء هذا حكم اللَّه: أن يضل المكذبين ويهدي المصدقين؛ أي: من آثر سبب الاهتداء.
(وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) العزيز؛ لأن جميع الخلائق مفتقرون إليه لأنه يعزّ من عزّ.
أو أن يكون العزيز: هو الذي لا يغلب، والحكيم: هو الذي لا يلحقه الخطأ في الحكم والتدبير، أو الحكيم في بعث الرسل وفي جميع فعله، ولم يؤخذ عليه في فعله خطأ قط، مصيبٌ وضع كل شيء موضعه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)
يحتمل آياته: حججه وبراهينه التي أرسل بها على وحدانية اللَّه وألوهيته.
ويحتمل آياته: التي بعثها إلى موسى ليقيمها على رسالته. إن شئت قلت: آياته: حججه وإن شئت سميتها أعلامًا، والآيات والأعلام والحجج - كله واحد؛ فيكون أعلام وحدانية اللَّه وألوهيته أو أعلام رسالته.
وقال قائلون: (بِآيَاتِنَا): أي: بديننا، أي: أرسلنا موسى بديننا، ليدعوهم إليه.
(أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ).
وعلى ذلك بعث جميع الرسل والأنبياء، بعثوا ليخرجوا قومهم من الظلمات إلى النور، وقد ذكرنا هذا في غير موضع.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ).
التذكير: هو العظة؛ أي: عظهم بأيام اللَّه.
قال قائلون: أيام اللَّه: نعمه.
قال قتادة: أمره أن يذكرهم بنعم اللَّه التي أنعمها عليهم؛ فإن لله عليكم أيامًا من النعم؛ كأيام القوم؛ كم من خير قد أعطاه اللَّه تعالى لكم؛ وكم من سوء قد صرفه