قيل: يا حزنا على يوسف، وقيل يا جزعا.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ: الأسف أشد الحسرة؛ وأصله: أن الأسف كأنه النهاية في الحزن: أن الحزين إذا بلغ غايته ونهايته؛ يقال: أسف. وهو النهاية في الغضب أيضًا.
كقوله: (فَلَمَّا آسَفُونَا) أي: لما أغضبونا (انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ)، وقوله تعالى: (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا).
وقوله: (يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ).
يحتمل أن يكون لا على إظهار القول باللسان؛ ولكن إخبار عما في ضميره، وذلك جائز؛ كقوله: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ)، أخبر عما في قلوبهم؛ لا أن قالوا ذلك باللسان. ويحتمل القول به على غير قصد منه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَهُوَ كَظِيمٌ).
الكظم: هو كف النفس عن الجزع؛ وترديد الحزن في الجوف على غير إظهار في أفعاله، والجزع هو ما يظهر في أفعاله؛ والذي يهيج الحزن هو الذي يهيج الغضب، إلا أن الحزن يكون على من فوقه؛ والغضب على من تحت يده، وسبب هيجانهما واحد، أو أن يكون الكظيم: هو الذي يمسك الحزن في قلبه والغم، كأنه هو الذي يستر ويغطي القلب؛ إذا حل به، والهم: هو ما يبعث على القصد من الهم به. والحزن: هو على ما يؤثر التغيير في الخلقة؛ ولا يظهر في الأفعال والجزع يظهر في الأفعال، ولا يغير الخلقة عن حالها، لذلك عمل في ضعف نفس يعقوب، وعمل في إهلاك بعضه، حيث ذهبت عيناه وابيضت من الحزن، والكظيم: ما ذكرنا؛ هو الذي يردد الحزن في جوفه ولا يظهر ويكفه عن الجزع.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85)
هو يمينهم مكان: واللَّه أو باللَّه، وكذلك قال إبراهيم: (وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ)