ولأن القرآن يجهر به، وسائر الأذكار لا تجهر، فإن كانت تجهر فيستمع لها كما يستمع إلى القرآن، واللَّه أعلم.
وذكر في بعض القصة أن الآية نزلت في الصلاة؛ لأن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إذا قرأ في صلاته كانوا يقولون مثل ما قال، فنزلت الآية بالنهي عن ذلك، والأمر بالاستماع إليه والإنصات له.
وذكر أنهم كانوا يرفعون أصواتهم في الصلاة حين يسمعون ذكر الجنة والنار؛ فنزلت الآية لذلك، فلا ندري كيف كانت القصة؟ وفيم كانت؟ وقد يحتمل ما ذكرنا آنفًا.
ثم إن كانت الآية في الصلاة ففيه دلالة النهي عن القراءة خلف الإمام؛ لأنه أمر بالاستماع إليه والإنصات له، وعلى ذلك جاءت الأخبار؛ روي عن أبي العاليهَ قال: كان نبي اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إذا صلى قرأ أصحابه أجمعون خلفه، حتى نزل: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) فسكتوا.
وعن علباء بن أحمر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قرأ في صلاة الفجر " الواقعة "، وقرأها رجل خلفه، فلما فرغ من الصلاة قال: " من الذي ينازعني في هذه السورة " فقال رجل: أنا يا رسول اللَّه؛ فأنزل اللَّه: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) وغير ذلك من الأخبار.
فقال قوم: إن الإنصات الذي أمر به المؤتم معناه ألا يجهر بقراءته، وليس فيه نهي أن يقرأ في نفسه.