هاهنا - الاستماع إليه - واللَّه أعلم - لوجهين:

أحدهما: مقابل ما كانوا يقولون: (لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ)، أمر - عَزَّ وَجَلَّ - المؤمنين بالاستماع إليه مكان قولهم: (لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ) وأمر بالإنصات مكان ما يقولون: (وَالْغَوْا فِيهِ).

والثاني: يجوز أن يكون أمر بالاستماع إليه في الصلاة؛ على ما قال بعض أهل التأويل أنه في الصلاة.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: في حال الخطبة؛ لما يسبق إلى أوهامهم أنه لما اشتغلوا بغيرها من العبادات ولزموا أنواع القرب أن يسقط عنهم حق الاستماع، فأمر بالاستماع إليه، والإنصات له؛ ليعلموا أن حق الاستماع لازم في كل حال.

ثم الاستماع إليه يكون لتفهم ما أودع فيه من الأمر والنهي، والوعد، والوعيد، وغيره، والإنصات للتعظيم والتبجيل.

ثم الاستماع له لم يلزم لنفس التلاوة، ولكن إنما يلزم لما أودع فيه من الأمر والنهي، والوعد والوعيد، وغيره؛ ليفهموا ما فيه، ويقبلوه، ويقوموا بوفاء ذلك، وأمّا سائر الأذكار إنما صارت عبادة لنفسها؛ لذلك لم يلزم الاستماع إلى سائر الأذكار، ولزم لتلاوة القرآن.

ولأن القرآن كلام اللَّه وكتابه، ومن الجفاء والاستخفاف أن يكتب إنسان إلى أخيه كتابًا لا ينظر فيه ولا يستمع له؛ فترك الاستماع إلى كتاب اللَّه أعظم في الجفاء والاستخفاف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015