وقال غيره: وجه ضرب مثل الذي كذب بالآيات بالكلب، هو أن الكلب من عادته أنه يذل ويخضع لكل أحد؛ لما يطمع أن ينال منه أدنى شيء، ولا يبالي ما يصيبه من الذل والهوان في ذلك بعد أن ينال منه بشيء؛ فعلى ذلك الكافر والمكذب بالآيات لا يبالي ما يلحقه من الذل والهوان بعد أن يصيب من الدنيا شيئًا.
ويشبه أن يكون وجه ضرب المثل بالكلب؛ لما أن من عادة الكلاب أنها إذا ظفرت بالجيف تنكب لها، حتى إذا ينادي لها وتدعى لا تكترث إليه ولا تلتفت؛ فعلى ذلك هذا الكافر ينكب لكل جيفة ويخضع، ولا يلتفت إلى ما نودي ودعي إليه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ).
أي: يخرج لسانه ويتنفس تنفسًا أشديدًا.
(أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) ومعناه - واللَّه أعلم - أن الكلب إذا أصابه العطش والجوع لهث، وإذا لم يصبه لهث أيضًا، فعلى ذلك الكافر يميل إلى ذلك ويختار، أصابته شدة أو لم تصبه؛ أو كلام نحو هذا.
وقال قتادة: هذا مثل الكافر، ميت الفؤاد كما أميت فؤاد الكلب.
(ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا) ضرب اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - مثل الكافر مرة بالكلب، ومرة بالميت، ومرة بالأعمى، ومرة بالتراب، ومرة بالأنعام،