وكذلك قال الكيساني: إن الإخلاد في كلامهم: السكون إلى الشيء والركون إليه.
وقال أبو عبيدة: هو اللزوم للشيء.
وفي قوله: (وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) دلالة أن الإزاغة من اللَّه وترك العصمة له؛ لما يكون من العبد الميل والركون إلى مخالفته، وترك الائتمار له، واتباع الهوى.
قال قتادة: قوله: (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا) يقول: لو شئنا لرفعناه من إيتائه الهدى، فلم يكن للشيطان عليه سبيل، ولكن يبتلى من عباده من يشاء.
وقوله: (أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ) ذكر الأرض يحتمل أن يكون كناية عن الدنيا؛ كقوله: (وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا).
ويحتمل أن يكون كناية عن الذل والهوان؛ لأن كل خير وبركة إنما يطلب من السماء، وهم إذا اختاروا ذلك اختاروا الذل والهوان.
وقال الحسن في قوله: (فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ) الآية، قال: حال الشيطان بينه وبين أن يصحب الهدى بما مناه وزين له واتبع هواه، (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ) قال: هذا مثل الكافر، أميت فؤاده كما أميت فؤاد الكلب.
وقوله: (سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177) أي: ساء مثل الأفعال التي ضرب الله مثلها بانذي ذكر في القرآن، قال: (سَاءَ مَثَلًا)، صدق اللَّه وبئس المثل (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)، فتدبروا وتفكروا في أمثال اللَّه التي ضرب واعقلوها؛ إلى هذا ذهب الحسن.