ونحو هذا؛ وذلك لما فيه من معاني ما ذكر.
وقوله: (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ. . .)، وقوله: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا) أمر رسوله ليقص أنباء الأمم السالفة على هَؤُلَاءِ؛ ليكون زجرًا وتحذيرًا للكفار؛ ليعلموا ما حل بأُولَئِكَ بصنيعهم؛ ليحذروا عن مثل صنيعهم، ويكون عظة وتذكيرًا للمؤمنين؛ كقوله: (وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177) قد ذكرنا في غير موضع أن آياته، قيل: دينه.
وقيل: حججه وبر اهينه.
وقوله: (سَاءَ مَثَلًا) أي ساء مثل، الأفعال التي ضرب اللَّه مثلها بالذي ذكر في القرآن.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178)
شهد اللَّه - تعالى - أن من هداه فهو المهتدي؛ أي: من هداه اللَّه في الدنيا فهو المهتدي في الآخرة، ومن يضلل اللَّه في الدنيا فهو الخاسر في الآخرة، فلو كانت الهداية البيان والأمر والنهي - على ما ذكر قوم - لكان الكافر والمؤمن في ذلك سواء؛ إذ كان البيان والأمر والنهي للكافر على ما كان للمؤمن فلم يهتد، فدل أن في ذلك من الله زيادة معنى للمؤمن لم يكن ذلك منه إلى الكافر، وهو التوفيق والعصمة والمعونة، ولو كان ذلك للكافر لاهتدى كما اهتدى المؤمن، ولو كان بيانًا لكان ذلك البيان من الرسل وغيره على قولهم؛ وكذلك قوله: (وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) أخبر أن من أضله فقد خسر؛ دل أنه كان منه زيادة معنى، وهو الخذلان والترك، أو خلق فعل الضلال، وليس على ما يقوله المعتزلة أنه قد هداهم جميعًا، لكن لم يهتدوا؛ فيقال لهم: أنتم أعلم أم اللَّه؟! كما قال لليهود: (قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ)، فظاهر الآية على خلاف ما يقولون ويذهبون.