(168)

جزاء ما كانوا يمنعون الناس عن اتباع مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - والإجابة له فيما يدعو إليه.

وقال قائلون: هو في بني إسرائيل، وهو ما قال: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ. . .) إلى قوله: (عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا)، أخبر إن عادوا عدنا، ولم يبين إن عادوا عدنا بماذا، ثم بين في هذه الآية بقوله: (لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ).

وقال قائلون: هذا إنما كان في هَؤُلَاءِ الذين سبق ذكرهم في قوله: (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ).

قال أبو بكر الأصم: الآية لا تحتمل في هَؤُلَاءِ؛ لأن من آمن منهم لا يحتمل ذلك، ومن صار منهم قرودًا لم يحتمل -أيضًا- بعد ما صاروا قرودًا، فهو - واللَّه أعلم - على الوجهين اللذين ذكرناهما.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ).

يأخذهم في حال أمنهم، ليس كما يأخذ ملوك الأرض قومهم بعد ما يتقدم منهم إليهم تخويف، فعند ذلك يأخذونهم بالعذاب.

أو أن يقال: سريع العقاب، أي: عن سريع يأخذهم عقابه.

وقوله: (لَسَرِيعُ الْعِقَابِ): لمن كفر وكذب، غفور رحيم: لمن آمن وصدق بالله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا ... (168)

يحتمل: فرقناهم في وقت بعد ما كانوا مجموعين.

ثم يحتمل الجمع وجهين:

كانوا مجموعين ثم تفرقوا، فصار بعضهم كفارًا وبعضهم مؤمنين.

أو كانوا مجموعين في المكان والمعاش والماء والكلأ ثم تفرقوا، فصاروا متفرقين في المكان والمعاش وغيره.

أو كانوا في الدِّين واحدًا، ثم صاروا أصحاب أهواء.

ويحتمل قوله: (وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا) أي: أمة بعد أمة، وجماعة بعد جماعة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015