وقيل: الخاسئ: الذليل.
وفي قوله: (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ. . . .) إلى آخر ما ذكر من القصة وجهان:
أحدهما: دليل إثبات الرسالة والنبوة له؛ حيث أخبر عما كان من غير نظر له في كتبهم، ولا اختلاف إلى أحد ممن له علم في ذلك؛ دل أنه إنما عرف ذلك باللَّه تعالى.
والثاني: إنباء عن عواقب الظلمة والفسقة، وما حل بهم بظلمهم وانتهاكهم حرم اللَّه؛ ليكون ذلك زجرًا لنا عن ارتكاب مثله.
* * *
قوله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ) قيل، تأذن: أي: قال ربك: ليبعثن.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ) هو من الأذان، أي: أعلم ربك.
وقوله: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ. . .) الآية قال: نزلت هذه الآية بمكة في شأن أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ لأن الكفار كانوا يمنعون من دار الإسلام واتباع مُحَمَّد - عليه الصلاة والسلام - فوعدهم اللَّه ليبعثن عليهم من يقاتلهم ولأخذ منهم الجزية إلى يوم القيامة؛