بعضهم خلفاء لبعض؛ على ماذكر: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ).
فإن كان قوله: (وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ) في الدِّين والمذهب، فيكون تأويله: أمنهم الصالحون المؤمنون، ومنهم دون ذلك الكفار، ويكون قوله: (دُونَ ذَلِكَ) أي: غير ذلك كقوله يعيدونها دون اللَّه أي: غير اللَّه.
وإن كان في المعاش، فبعضهم دون بعض في المعاش؛ وسع على بعض المعاش، وشدد على بعض وضيق، فيكون بعضهم دون بعض في المعاش والرزق.
أو بعضهم دون بعض في الدِّين، بعضهم على الصلاح، وبعضهم أصحاب أهواء، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ).
ابتلى بعضهم بالخصب والسعة، وبعضهم بالشدة والضيق؛ ليذكرهم الموعود من الثواب في الحسنات، ويزجرهم الموعود من العقاب عن السيئات.
(لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).
يتوبون ويرجعون عن ذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) فهو يخرج على وجوه:
أحدها: بلوناهم بالنعم والخصب والسعة؛ ليعرفوا فضل اللَّه وإحسانه فيرجعوا إليه بالشكر والثناء، و (وَالسَّيِّئَاتِ)، أي: بالبلايا في أنفسهم أو المصائب والضيق؛ ليعرفوا قدرة اللَّه وسلطانه، فيرجعوا إليه بالتضرع والفزع والدعاء والتوبة.
والثاني: معناه: أي: بلوناهم بالحسنات والسيئات؛ ليتقرر عندهم أن غيرهم أملك بهم من أنفسهم، فيرجعوا إليه أبتسليم، النفس لأمره وحكمه.
والثالث: (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ) المؤمن منهم والكافر، حتى إذا رأوا الاستواء في الدنيا وفي الحكمة التفريق بينهم، فيضطر الجميع إلى الإيمان بالبعث؛ إذ خروجهم من الدنيا على سواء.
والرابع: أنه إنما جعل النعيم في الدنيا ليعرفوا لذّة الموعود في الآخرة، وكذلك الشدة، فابتلاهم بالأمرين جميعًا؛ ليستعدوا للرجوع إلى الموعود لهم في الآخرة، والله