(76)

(77)

فيه دلالة أن من المستضعفين من قومه من لم يكن آمن؛ حيث خص لمن آمن منهم.

وفيه: أن أول من اتبع الرسل هم الضعفاء، وكذلك كان الأتباع للرسل جميعًا الضعفاء.

وقولهم: (أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ)، قول هَؤُلَاءِ الذين آمنوا بصالح وصدقوه في رسالته لم يخرج في الظاهر جواب ما سألوا؛ لأنهم قالوا: (أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ)، إنما سألوهم عن علمهم برسالته، لم يسألوهم عن إيمانهم به، فهم إنما أجابوا عن غير ما سئلوا في الظاهر، لكن يجوز أن يكنى بالعلم عن الإيمان، فكأنهم قالوا لهم: تؤمنون بصالح وتصدقونه؟ لأن العلم بالشيء قد يقع بلا صنع، والإيمان لا يكون إلا بصنع منهم؛ فكأنهم إنما سألوهم عن الإيمان به؛ لذلك قالوا: (إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ).

والثاني: كأنهم قالوا: بل علمنا أنه مرسل من ربه، وإنا بما أرسل به مؤمنون.

وفيه: دلالة أن من مكن له من العلم بأسباب جعلت له يصل بها إلى العلم، لم يعذر بجهله في ذلك بعد ما أعطي أسباب العلم؛ حيث قالوا: أتعلمون أن صالحًا مرسل من ربه، أي: لا تعلمون.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (76) فيه دلالة أن الإيمان: هو التصديق في اللغة، والتكذيب: هو ضد ما يكون به التصديق؛ حيث أجابوا بالتكذيب لإيمانهم به؛ لقولهم: (إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ) فهَؤُلَاءِ لم يعرفوا جميع الطاعات إيمانًا على ما عرفه بعض الناس، إنما عرفوه تصديقًا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ ... (77)

أضاف هاهنا العقر إليهم جميعًا، وفي موضع آخر أضاف إلى الواحد بقوله: (فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ)، وفي سورة (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) كذلك أضاف إلى الواحد: (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا)، لكن فيما كان مضافًا إليهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015