جميعًا يحتمل أن تولى واحد منهم عقرها بمشورتهم جميعًا، ومعونتهم، وتدبيرهم، وتراضيهم على ذلك، فأضيف إليهم ذلك لاجتماعهم على ذلك، وإلى الواحد فيما تولى جرحها ومنعها عن السير، ففيه دلالة لمذهب أصحابنا أن قطاع الطريق إذا تولى بعضهم القتل، وأخذ الأموال، ولم يتول بعضهم يتشاركون جميعًا: من تولى منهم، ومن لم يتول في حكم قطاع الطريق بعد أن يكون بعضهم عونًا لبعض، وكذلك إذا اجتمع قوم على قتل واحد، فتولى بعضهم القتل ولم يتول بعض بعد أن كانوا في عون أُولَئِكَ، فإنهم يقتلون جميعًا، وعلى ذلك يخرج قول عمر - رضِي اللَّه عنه - حيث قال: " لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم " وأهل صنعاء إذا اجتمعوا لا سبيل للكل أن يتولوا قتله، فدل أنه على العون والنصر لبعضهم بعضًا فيتشاركون جميعًا في القصاص على ما تشارك أُولَئِكَ جميعًا في العذاب: من تولى عقرها ومن لم يتول، بعد أن كان ذلك العقر بمعونتهم، وبتراضيهم على ذلك، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ ... )
إنما أخذهم العذاب لما استعجلوا منه العذاب، وكذبوه فيما يوعدهم العذاب ويعدهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ).
العتو: هو النهاية في التمرد، والخلاف لأمره على العلم منهم بالخلاف لا على