مخالفة بنيتها بنية غيرها؛ إما خلقة، وإما في ابتداء إحداثها وإنشائها أو في أي شيء كان، فأضافها إليه لذلك، واللَّه أعلم.

ثم لا يجب أن يتكلف المعنى الذي له جعل الناقة آية؛ لأنه - جل وعلا - لم يبين لنا ذلك المعنى، فلو تكلف ذكر ذلك فلعله يخرج على خلاف ما كان في الكتب الماضية، فهذه القصص وأخبار الأمم الماضية إنما ذكرت في القرآن؛ لتكون آية لرسالة مُحَمَّد - صلوات اللَّه عليه وسلامه - فلو ذكرت على خلاف ما كان كان لهم في ذلك مقال.

ويحتمل معنى الإضافة إليه وجهًا آخر، وهو: أنه لم يجعل منافع هذه الناقة لهم، ولا جعل عليهم مؤنتها، بل أخبر أنْ ذروها تأكل في أرض اللَّه، جعل مؤنتها فيما يخرج من الأرض، ليست كسائر النوق التي جعل مؤنتها عليهم، ومنافعها لهم بإزاء ما جعل عليهم من المؤن، فمعنى التخصيص بالإضافة إليه لما لم يشرك فيها أحدًا ولا في منافعها، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ.

دلالة أن تلك الناقة كان غذاؤها مثل غداء سائر النوق، وإن كانت خارجة عن طباع سائر النوق من جهة الآية؛ ليعلم أنها وإن كانت آية لرسالته ودلالة لنبوته فتشابهها لسائر النوق في هذه الجهة لا يخرجها عن حكم الآية، فعلى ذلك الرسل وإن كانوا ساووا غيرهم من الناس في المطعم والغذاء لا يمنع ذلك من أن يكونوا رسلًا، واللَّه أعلم بذلك.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ).

يحتمل: لا تتعرضوا لها قتلًا ولا قطعًا ولا عقرًا لما ليست هي لهم، (فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015