وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَخَاهُمْ) قد ذكرنا أنه تحتمل الأخوة وجوهًا أربعة: أخوة النسب، وأخوة الجوهر والشكل على ما يقال: هذا أخو هذا إذا كان من جوهره وشكله، وأخوة المودة والخلة، وأخوة الدِّين، ثم يحتمل أن يكون ما ذكر من أخوة صالح كان أخوهم في النسب، أو في الجوهر على ما ذكرنا في هود، ولا يحتمل أن يكون في المودة والدِّين، وأما أخوة النسب فإنه يحتمل لما ذكرنا أن بني آدم كلهم إخوة، وإن بعدوا؛ لأنهم كلهم من أولاد آدم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ).

قد ذكرنا أن الرسل بأجمعهم إنما بعثوا ليدعوا الخلق إلى وحدانية اللَّه، والعبادة له؛ وأن لا معبود سواه يستحق العبادة من الخلق.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) قيل فيه بوجهين.

قيل: (بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ)، ما ذكر من الناقة التي جعلها اللَّه آية لرسالة صالح، وهي: (هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً).

وقيل: (بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) آيات ظهرت لهم على لسان صالح، وجرت على يديه ما يدلّ على رسالة صالح ونبوته، لكنهم كابروا تلك الآيات في التكذيب وعاندوا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً).

وجه تخصيص إضافة تلك الناقة إلى اللَّه يحتمل وجوهًا، وإن كانت النوق كلها لله في الحقيقة:

أحدها: لما خصت تلك بتذكير عبادته تعالى إياهم ووحدانيته تعظيمًا لها، على ما خصت المساجد بالإضافة إليه، بقوله: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ)؛ لما جعلت تلك البقاع لإقامة عبادة اللَّه، فخصت بالإضافة إليه تعظيمًا لتلك البقاع فعلى ذلك هذه الناقة خصت بالإضافة إليه، لما جعلها اللَّه آية من آياته خارجة من غيرها من النوق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015