في المكان الذي يعدم، وإن لم يكن سفرا - يجوز التيمم فيه؛ وكذلك إذا خاف الضرر من الماء - جاز له التيمم، وإن لم يكن مريضا؛ لأنه ليس أباح ذلك للمريض باسم المرض ولا باسم السفر؛ ولكن لمعنى فيه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ): قد ذكرنا فيما تقدم أن الملامسة: هي الجماع؛ كذلك روي عن عليٍّ وابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنهما - وقال ابن عَبَّاسٍ: " الملامسة والمباشرة والإفضاء والرفث والغشيان كله جماع، ولكن اللَّه كريم يكني ".
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا).
جعل الطهارة بالماء والتراب؛ لأنه بهما معاش الخلق، وبهما قوام الأبدان، حتى جعل جميع أغذية الخلق وجل مصالحهم منهما؛ فعلى ذلك جعل قيام هذه العبادات بهما، واللَّه أعلم.
ثم الحكمة في وجوب الطهارة وجهان:
أحدهما: ما ذكرنا: أن يذكرهم طهارة الباطن.
والثاني: تكفيرًا لما ارتكبوا بهذه الجوارح من الإجرام، أو شكرًا لما أنعم عليهم من المنافع التي جعل لهم فيها من القبض والبسط، والتناول والأخذ والمشي، وغير ذلك مما يكثر.
ثم الحكمة في جعل الطهارة في أطراف البدن للتزين والتنظيف؛ لأنه يقدم على الملك الجبار، ويقوم بين يديه ويناجيه، ومن أتى ملكًا من ملوك الأرض يتكلف التنظيف والتزيين، ثم يدخل عليه؛ فعلى ذلك هذا، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا): قال عبد اللَّه بن مسعود وعمر - رضي اللَّه عنهما -