الحوائج بها؛ فكانوا يسألونها أن تقسم لهم، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذَلِكُمْ فِسْقٌ):
يحتمل قوله: (فِسْقٌ): أي: العمل بالأزلام، والشهادة على اللَّه أنه أمر بذلك - فِسق، وعلى هذا من يستجيز العمل بالقرعة؛ لأنه يقول: يقرع فمن خرجت قرعته يحكم له، فإنما يحكم له بأمر القرعة؛ كأن القرعة تأمره بالحكم لهذا بهذا، وتنهاه عن الحكم لهذا بهذا، فهو بالأزلام والقداح التي نهى اللَّه عن العمل بذلك أشبه، وبها أمثل من غيره.
ويحتمل قوله - تعالى -: (ذَلِكُمْ فِسْقٌ): أي: التناول مما ذكر من المحرمات: من الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما أهل لغير اللَّه به، وما ذبح على النصب، وما ذكر في أول السورة من الاصطياد في الإحرام والتناول منه؛ ذلك كله فسق، وهو قول ابن عَبَّاسٍ، رضي اللَّه عنه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ): إنهم كانوا يطمعون دخول أهل الإسلام في دينهم وعودهم إليهم، فأيأسهم اللَّه - سبحانه وتعالى - عن ذلك؛ فقال: اليوم يض الذين كفروا من ترككم دين الإسلام؛ فلا تخشوهم واخشون؛ آمنهم عن ذلك. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) الآية: قال أبو عبيد: كان دينهم إلى ذلك اليوم ناقصًا؛ فحينئذ كمل دينهم؛ فعلى زعمه: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يدعو الناس إلى دين ناقص، ومن مات من أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - من المهاجرين والأنصار - رضوان اللَّه عليهم أجمعين - ماتوا على دين ناقص، ويحشرون يوم القيامة على دين ناقص، وأي قول أفحش من هذا وأسمج؟!.
وقال آخر من أصحابه: كان الدِّين كاملاً إلى ذلك الوقت، فلمَّا بعث اللَّه بالفرائض، وافترض عليهم - صار الدِّين ناقصًا إلى أن يؤدوا الفرائض وما افترض عليهم؛ فعند ذلك يكمل؛ فهذا القول -أيضًا- في الوحشة والسماجة والقبح مثل الأول.