وعن الحسن قال: كانوا يعمدون إلى قداح فيكتبون على أحدها: " مُرْني "، وعلى الآخر: " انْهَنِي "، ثم يحيلونها إذا أرادوا السفر: فإن خرج عليه " مرني " مضى في وجهه، وإن خرج الذي عليه " انهني " لم يخرج.

قال أبو بكر الكيساني: إن في النهي عن العمل بالأزلام دليل النهي عن العمل بالنجوم، فإذا نهي عن العمل بقول المقتسمين ينهى -أيضًا- عن العمل بقول المنجِّمة؛ لأنهم يقولون عين ما يقول أُولَئِكَ ويعملون به، لكن المنجمة ليسوا يقولون: إن نجم كذا يأمركم كذا، ونجم كذا ينهى عن كذا؛ على ما كان يفعل أُولَئِكَ.

ويجوز أن يكون اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - جعل في النجوم أعلامًا ومعاني يدركون بها، ويستخرجون أشياء تحتمل ذلك؛ ويكون على ما يستخرج أهل الاجتهاد بالاجتهاد أشياء من معنى النصوص، وأحكامًا لم تذكر في المنصوص؛ فعلى ذلك المنجمة يجوز أن يستخرجوا أشياء من النجوم بدلائل ومعان تكون في النجوم، ولا عيب عليهم في ذلك ولا لائمة، إنما اللائمة عليهم فيما يحكمون على اللَّه ويشهدون عليه.

قَالَ الْقُتَبِيُّ: الأزلام: القداح، واحدها: زَلَم وزُلَم، بها: أن يضرب، فأخذ الاستقسام من القسم - وهو النصيب - كأنه طلب النصيب.

قال أَبُو عَوْسَجَةَ: استقسمت، أي: ضربت بالقداح؛ قال: كأنه من القسم.

وقال أبو عبيد: إنما سمي: استقسامًا؛ لأنهم كانوا يطلبون قسم الرزق وطلب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015