ويقال لأبي عبيد: قل -أيضًا- بأنه لم يكن رضي لهم بالإسلام دينًا قبل ذلك فعند ذلك رضي.
والأصل في تأويل الآية وجوه:
أحدها: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ): أي: برسوله، وببعثه أكملت لكم دينكم، وبه أتممت عليكم نعمتي.
ويحتمل قوله: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ): أي: اليوم أظهرت لكم دينكم، ولم يكن قبل ذلك ظاهرًا، حتى قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " نُصِرتُ بِالرعْب مَسِيرَةَ شَهْرَيْنِ "، وقال: " أَلا لَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ "؛ وذلك لظهوره ولغلبة أَهل الإسلام عليهم، وإن لم يكن هذا قبل ذلك.
ويحتمل قوله: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)؛ لما آمنهم من العدو والعود إلى دين أُولَئِكَ، وإياس أُولَئِكَ عن رجوعهم إلى دين الكفرة، وأي نعمة أتم وأكمل من الأمن من العدو؛ ويقول الرجل: اليوم تم ملكي وكمل؛ إذا هلك عدوه؛ لأمنه من عدوه، وإن كان لم يوصف ملكه قبل ذلك بالنقصان؛ فعلى ذلك هذا، واللَّه أعلم.
وقيل: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)، أي: أمر دينكم بما أمروا بأمور وشرائع لم يكونوا أمروا بها قبل ذلك، وهذا جائز.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا): أي: أكرمتكم بالدِّين المرضي وهو الإسلام؛ كقوله - تعالى -: (وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ):
قيل: المخمصة: المجاعة.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: رجل خميص، أي: جائع.
وقال غيره: هو من ضيق البطن. وهو واحد؛ لأنه من الجوع ما يضيق البطن.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ):