تفسير القرطبي (صفحة 7269)

كلها. حكاه الماوردي والضحى: مُؤَنَّثَةٌ. يُقَالُ: ارْتَفَعَتِ الضُّحَا، وَهِيَ فَوْقَ الضَّحْوِ «1». وَقَدْ تُذَكَّرُ. فَمَنْ أَنَّثَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهَا جَمْعُ ضَحْوَةٍ. وَمَنْ ذَكَّرَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ اسْمٌ عَلَى فعل، صُرَدٍ وَنُغَرٍ «2». وَهُوَ ظَرْفٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِثْلَ سَحَرٍ. تَقُولُ: لَقِيتُهُ ضُحًا وَضُحَا، إِذَا أَرَدْتَ بِهِ ضُحَا يَوْمِكَ لَمْ تُنَوِّنْهُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الضُّحَا هُوَ النَّهَارُ، كَقَوْلِ قَتَادَةَ. وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ العرب أن الضحا: إذا طلعت الشمس وبعيد ذلك قليلا فإذا زاد فهو الضحاء بالمد. ومن قال: الضُّحَا: النَّهَارُ كُلُّهُ، فَذَلِكَ لِدَوَامِ نُورِ الشَّمْسِ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ نُورُ الشَّمْسِ أَوْ حَرُّهَا، فَنُورُ الشَّمْسِ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ حَرِّ الشَّمْسِ. وَقَدِ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ: إِنَّ الضُّحَى حر الشمس بقوله تعالى: وَلا تَضْحى [طه: 119] أَيْ لَا يُؤْذِيكَ الْحَرُّ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: أَصْلُ الضُّحَا مِنَ الضِّحِّ، وَهُوَ نُورُ الشَّمْسِ، وَالْأَلِفُ مَقْلُوبَةٌ مِنَ الْحَاءِ الثَّانِيَةِ. تَقُولُ: ضَحْوَةٌ وَضَحَوَاتٌ، وَضَحَوَاتٌ وَضُحَا، فَالْوَاو مِنْ (ضَحْوَةٍ) مَقْلُوبَةٌ عَنِ الْحَاءِ الثَّانِيَةِ، وَالْأَلِفُ فِي (ضُحَا) مَقْلُوبَةٌ عَنِ الْوَاوِ. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ: الضِّحُّ: نَقِيضُ الظِّلِّ، وَهُوَ نُورُ الشَّمْسِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَأَصْلُهُ الضُّحَا، فَاسْتَثْقَلُوا الْيَاءَ مَعَ سُكُونِ الْحَاءِ، فَقَلَبُوهَا ألفا.

[سورة الشمس (91): آية 2]

وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها (?)

أَيْ تَبِعَهَا: وَذَلِكَ إِذَا سقطت ري الْهِلَالُ. يُقَالُ: تَلَوْتُ فُلَانًا: إِذَا تَبِعْتُهُ. قَالَ قَتَادَةُ: إِنَّمَا ذَلِكَ لَيْلَةَ الْهِلَالِ، إِذَا سَقَطَتِ الشمس ري «3» الْهِلَالُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ، تَلَاهَا الْقَمَرُ بِالطُّلُوعِ، وَفِي آخِرِ الشَّهْرِ يَتْلُوهَا بِالْغُرُوبِ. الْفَرَّاءُ: تَلاها: أَخَذَ مِنْهَا، يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْقَمَرَ يَأْخُذُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ. وَقَالَ قَوْمٌ: وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها حِينَ اسْتَوَى وَاسْتَدَارَ، فَكَانَ مِثْلَهَا في الضياء والنور، وقاله الزجاج.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015