أي بِالْقُرْآنِ. (هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ) أَيْ يَأْخُذُونَ كُتُبَهُمْ بِشَمَائِلِهِمْ، قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ. يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ: لِأَنَّهُمْ مَشَائِيمُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ. ابْنُ زَيْدٍ: لِأَنَّهُمْ أُخِذُوا مِنْ شِقِّ آدَمَ الْأَيْسَرِ. مَيْمُونٌ: لِأَنَّ مَنْزِلَتَهُمْ عَنِ الْيَسَارِ. قُلْتُ: وَيَجْمَعُ هَذِهِ الْأَقْوَالَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ أَصْحَابَ الْمَيْمَنَةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ، وَأَصْحَابَ الْمَشْأَمَةِ أَصْحَابُ النَّارِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَصْحابُ الْيَمِينِ «1» مَا أَصْحابُ الْيَمِينِ، فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ، وَقَالَ: وَأَصْحابُ الشِّمالِ مَا أَصْحابُ الشِّمالِ. فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ [الواقعة: 42 - 41]. وَمَا كَانَ مِثْلَهُ. وَمَعْنَى مُؤْصَدَةٌ أَيْ مُطْبَقَةٍ مُغْلَقَةٍ. قَالَ:
تَحِنُّ إِلَى أَجِبَالِ مَكَّةَ نَاقَتِي ... وَمِنْ دُونِهَا أَبْوَابُ صَنْعَاءَ مُؤْصَدَهْ
وَقِيلَ: مُبْهَمَةٌ، لَا يُدْرَى مَا دَاخِلُهَا. وَأَهْلُ اللُّغَةِ يَقُولُونَ: أَوْصَدْتُ الْبَابَ وَآصَدْتُهُ، أَيْ أَغْلَقْتُهُ. فَمَنْ قَالَ أَوْصَدْتُ، فَالِاسْمُ الْوِصَادُ، وَمِنْ قَالَ آصَدْتُهُ، فَالِاسْمُ الْإِصَادُ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَحَفْصٌ وَحَمْزَةُ وَيَعْقُوبُ وَالشَّيْزَرِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ مُؤْصَدَةٌ بِالْهَمْزِ هُنَا، وَفِي" الْهَمْزَةِ". الْبَاقُونَ بِلَا هَمْزٍ. وَهُمَا لُغَتَانِ. وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ «2» قَالَ: لَنَا إِمَامٌ يَهْمِزُ مُؤْصَدَةٌ فَأَشْتَهِي أَنْ أَسُدَّ أُذُنِي إِذَا سمعته.
سُورَةُ" الشَّمْسِ" مَكِّيَّةٌ بِاتِّفَاقٍ، وَهِيَ خَمْسَ عَشْرَةَ آية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالشَّمْسِ وَضُحاها (?)
قال مجاهد: وَضُحاها أي ضوئها وَإِشْرَاقُهَا. وَهُوَ قَسَمٌ ثَانٍ. وَأَضَافَ الضُّحَى إِلَى الشَّمْسِ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ بِارْتِفَاعِ الشَّمْسِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: بَهَاؤُهَا. السُّدِّيُّ: حَرُّهَا. وَرَوَى الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَضُحاها قَالَ: جَعَلَ فِيهَا الضَّوْءَ وَجَعَلَهَا حَارَّةً. وَقَالَ الْيَزِيدِيُّ: هُوَ انْبِسَاطُهَا. وَقِيلَ: مَا ظَهَرَ بِهَا مِنْ كُلِّ مَخْلُوقٍ، فَيَكُونُ القسم بها وبمخلوقات الأرض