صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَسَبُوهُ إِلَى أَنَّهُ تَعَلَّمَ مِنْهُ ذَلِكَ. وَقِيلَ: أَرَادَ أَنَّهُ تَلَقَّنَهُ مِنْ أَهْلِ بَابِلَ. وَقِيلَ: عَنْ مُسَيْلِمَةَ. وَقِيلَ: عَنْ عَدِيٍّ الْحَضْرَمِيِّ الْكَاهِنِ. وَقِيلَ: إِنَّمَا تَلَقَّنَهُ مِمَّنِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ قَبْلَهُ، فَنَسَجَ عَلَى مِنْوَالِهِمْ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ: إِنْ هَذَا إِلَّا أمر «1» سحر يؤثر، أي يورث.
سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَما أَدْراكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) أَيْ سَأُدْخِلُهُ سَقَرَ كَيْ يَصْلَى حَرَّهَا. وَإِنَّمَا سَمَّيْتُ سَقَرَ مَنْ سَقَرَتْهُ الشَّمْسُ: إِذَا أَذَابَتْهُ وَلَوَّحَتْهُ، وَأَحْرَقَتْ جِلْدَةَ وَجْهِهِ. وَلَا يَنْصَرِفُ لِلتَّعْرِيفِ وَالتَّأْنِيثِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ الطَّبَقُ السَّادِسُ مِنْ جَهَنَّمَ. وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ، أَيُّ عِبَادِكَ أَفْقَرُ؟ قَالَ صَاحِبُ سَقَرَ [ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ: (وَما أَدْراكَ مَا سَقَرُ) هَذِهِ مُبَالَغَةٌ في وصفها، أي وما أعلمك أي شي هِيَ؟ وَهِيَ كَلِمَةُ تَعْظِيمٍ ثُمَّ فَسَّرَ حَالَهَا فَقَالَ: لَا تُبْقِي وَلا تَذَرُ أَيْ لَا تَتْرُكُ لَهُمْ عَظْمًا وَلَا لَحْمًا وَلَا دَمًا إِلَّا أَحْرَقَتْهُ. وَكَرَّرَ اللَّفْظَ تَأْكِيدًا. وَقِيلَ: لَا تُبْقِي مِنْهُمْ شَيْئًا ثُمَّ يُعَادُونَ خَلْقًا جَدِيدًا، فَلَا تَذَرُ أَنْ تُعَاوِدَ إِحْرَاقَهُمْ هَكَذَا أَبَدًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا تُبْقِي مَنْ فِيهَا حَيًّا وَلَا تَذَرْهُ مَيِّتًا، تُحْرِقُهُمْ كُلَّمَا جُدِّدُوا. وَقَالَ السُّدِّيُّ: لَا تُبْقِي لَهُمْ لَحْمًا وَلَا تَذَرُ لَهُمْ عَظْمًا (لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ) أَيْ مُغَيِّرَةٌ مِنْ لَاحَهُ إِذَا غَيَّرَهُ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ لَوَّاحَةٌ بِالرَّفْعِ نَعْتٌ لِ- سَقَرُ. فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما أَدْراكَ مَا سَقَرُ. وَقَرَأَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ (لَوَّاحَةً) بِالنَّصْبِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ، لِلتَّهْوِيلِ. وَقَالَ أَبُو رَزِينٍ: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمْ لَفْحَةً تَدَعُهَا أَشَدَّ سَوَادًا مِنَ اللَّيْلِ، وَقَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَاحَهُ الْبَرْدُ وَالْحَرُّ وَالسُّقْمُ وَالْحُزْنُ: إِذَا غَيَّرَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَقُولُ مَا لَاحَكَ يَا مُسَافِرُ ... يَا بْنَةَ عمي لاحني الهواجر «2»